تشكيل الوعي الجمعي من أبرز القضايا المُثارة مؤخرًا، وذلك بسبب ما يدور حولنا من تغيرات اجتماعية، إلى جانب ما تعيشه الجماهير من توتر مجتمعي، فإن الأمم الأكثر تقدمًا عملت على الاستحواذ على الوعي الجمعي، لذا كان من الضروري التعرف على أسس تشكيل الوعي الجمعي، وذلك من خلال هذا الموضوع.
تشكيل الوعي الجمعي
يظل الوعي الجمعي كما عرفه عالم الاجتماع الفرنسي (إيميل دورايكم) هو مجموع العادات والتقاليد والعقائد التي يؤمن بها المجتمع ويشكل منها هويته وتحقق وحدته، باعتبار أن الوعي الجمعي فارق في تنظيم حركة المجتمعات لما يرسخه- حال تشكيله – من تماسك المجتمع واستقراره مما يدفعه قدمًا نحو تطوير أدواته خاصةً الإيجابية مما يحقق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة.
كما يتبنى مفهوم الوعي الجمعي كافة المؤسسات والمنظمات لتحقيق قناعة فاعلة بمفاهيمها والدفاع عنها لتطوير كافة الأدوات الفاعلة في تحقيق المكاسب وكنا قد تعرضنا سابقًا لاستخدام بعض التنظيمات لمفهوم تشكيل الوعي الجمعي بشكل منحرف لتشكيل قواعد بشرية تؤمن باعتقادها على اختلاطه بمفاهيم مشوهة.
لكنها ترسخه بإلحاح من خلال تحقيق فكرة الجيتو (المجتمع المغلق) الذي يتبنى مجموعة من الأفكار التي لا ينبغي مناقشتها خارج التنظيم حتى لا يتم فلترتها وتصويبها من خلال الاشتباكات الفكرية وغالبًا ما يحدث ذلك في غياب الدولة أو حال انشغالها بقضايا أخرى.
قم بالاطلاع على المزيد من مقالات أحمد عواد
الوعي الجمعي العالمي
في اعتقادنا أن قضية الوعي الجمعي هي من أهم القضايا التي تمكن الدولة من إقامة مشروعها القومي الذي يعتمد في آلياته القواعد البشرية التي تؤمن بقضاياها وتدرك كيفية تطويرها من خلال اختبار الواقع بتوازنات تراكمية لتحقيق المكتسبات والمصالح.
إننا في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الطاحنة التي تواكب تغيرات مناخية مفجعة في احتياج ماس إلى إعادة تشكيل الوعي الجمعي الذي يؤمن بقيمة المجتمع الإنساني على اتساعه بشكل يحقق التعاطف في كافة التحديات ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم ندرة المياه بشكل واضح بعد جفاف بعض الأنهار في آسيا وأوروبا وأمريكا.
تواجه مصر والعراق والأردن وسوريا محاولات بائسة بسلب مواردهم المائية ودفعنا قهرًا إلى أتون الإبادة بدم بارد في ظل ضمير عالمي يغط في نوم عميق مع محاولات مضنية منا بالتمسك بأمن واستقرار المنطقة.
أهمية تشكيل الوعي الجمعي
إن مفهوم الوعي الجمعي وأدواته هم المفتاح الرئيس لتحقيق المأمول والطموحات لمواجهة التحديات المستمرة التي تطرأ تباعًا في الداخل والخارج لأنه يعتني بالعدل والمساواة في توزيع الثروات وسبل الحياة.
إن العقل الجمعي الذي يشكل الضمير العام للمجتمع هو الذي ينظم العلاقات بين كافة الأفراد ليؤثر الفرد المصلحة العامة على مصالحه الشخصية من خلال توازنات تحقق الحماية للمجتمع من خلال ثقافة مرنة تمنح الجميع حق الوجود.. ومن هنا فإننا نرى الوعي الجمعي في كافة روافده النفسية والاجتماعية يتعلق بنقاط ثلاث هما:
- الأخلاق
- الواجبات
- الحقوق
هذه النقاط التي ترتكز عليها الدساتير والقوانين المكملة لها في كافة الدول أيًا كان نظامها السياسي ليقف القانون على مسافة واحدة بين جموع المواطنين دون تمييز أو إقصاء أو طائفية (دينية – عرقية – فئوية) أو تهميش.
إننا نعاني من مشكلة حقيقية في هذه الأيام، وهي الهشاشة الاجتماعية التي قد تؤدي إلى فساد المجتمع واضمحلاله، لذا كان من الضروري إعادة تشكيل الوعي الجمعي.