قصص أولياء الله الصالحين قد تُهدي الناس وتمنحهم العِظات، فإن أولياء الله الصالحين هم من يتقربون إلى الله عز وجل حتى يمنحهم كرامات لا يمتلكها أحد نظر تقواهم، وسنقوم بعرض مجموعة من قصص هؤلاء الأولياء بشيء من التفصيل، من خلال الواقع العربي.
قصص أولياء الله الصالحين
لا تكون الكرامات إلا لأولياء الله الصالحين، حيث إنهم أهل الإيمان، وقال الله عز وجل: “أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ” (يونس62 / 63)، توضح الآية السابقة أن الله عز وجل كرم أوليائه وتوعد لهم بالجنة.
يختلط الأمر على العديد من الأشخاص حيث يظنون أن أولياء الله الصالحين يمكنهم معرفة الغيب، ولكن من الجدير بالذكر أن هذا الحديث لا أساس له من الصحة، حيث إن ولي الله هو من يحافظ على فروضه، وطاعته لله، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إنَّ اللَّه قال: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْب) رواه البخاري، وسوف نقوم بشرح قصص أولياء الله الصالحين وجميع كراماتهم كما يلي:
1- أبو الحسن الشاذلي
هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي، الزاهد، الصوفي، كما أن إليه تنتسب الطريقة الشاذلية، وتتلمذ في نشأته على يد الإمام عبد السلام مشيش في دولة المغرب، ولعب دورًا هامًا في تكوين شخصيته.
تعلم أبو الحسن كافة مبادئ العلوم بالإضافة إلى أنه حفظ القرآن الكريم وتفقه فيه، وكانت له العديد من المحطات في تونس والمغرب والقاهرة وبغداد ودمشق، وقضى حياته في التعبد لله عز وجل والاعتكاف في جبال زعلول التونسية، وكانت تلك الطقوس واحدة من الأصول الصوفية.
من الجدير بالذكر أن أبو الحسن كان له دور كبير في الدعوة للجهاد ضد الصليبين، وكانت عبادته أغلبها قائمة على الأقوال التي تحفز المجاهدين وقت المعركة، ومن أشهر مقولاته ما يلي:
- أربع لا ينفع معهم علم، حب الدنيا، ونسيان الآخرة، وخوف الفقر، وخوف الناس.
- من أشقى الناس من يحب أن يعامله الناس بكل ما يريد، وهو لا يجد من نفسه بعض ما يريد.
- الصادق الموقن لو كذّبه أهل الأرض لم يزدد بذلك إلا تمكينًا.
- لا تجد الروح والمدد ويصح لك مقام الرجال حتى لا يبقى في قلبك تعلق بعلمك، ولا جدك.
- ولا اجتهادك، وتيأس من الكل دون الله تعالى. خصلة واحدة إذا فعلها العبد صار إمام الناس من أهل عصره، وهي الإعراض عن الدنيا، واحتمال الأذى من أهلها.
اقرأ أيضًا: كرامات أولياء الله
2- أبو الحجاج الأقصري
هو يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد، وهو واحدًا من أولياء الله الصالحين الذي ذاع صيته في مدينة الأقصر، كما أن له ضريح هناك باسمه من أشهر الأضرحة التي يتردد عليها عدد كبير من الأشخاص، وولد أبو الحجاج في بغداد في أوائل القرن السادس هجريًا.
مكث أبو الحجاج في بدايته في مدينة الإسكندرية، كما أنه عاش فيها لمدة ثلاث سنوات وتعرف في تلك الحقبة على أفكاره الصوفية والتي كانت موجودة في مصر بشكل كبير في ذلك الوقت، ومن ثم ذهب إلى الصعيد لكي يتمكن من نشر الأفكار التي تعلمها.
كان أبو الحجاج الأقصري يحرص على إرشاد كافة المريدين، ويمكن الاستدلال على ذلك من قوله “لا يقدح عدم الاجتماع بالشيخ في محبته فإنا نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين وما رأيناهم؛ وذلك لأن صورة المعتقدات إذا ظهرت لا تحتاج إلى صورة الأشخاص”.
يحتفل الناس في يوم الرابع عشر من شهر شعبان بمولد أبو الحجاج الأقصري، وذلك من خلال احتفالات تسمى دورة أبو الحجاج، ويخرج الناس في ذلك الوقت إلى ساحة المسجد الذي يحمل اسمه يرتلون القرآن الكريم، ويمارسون التحطيب والرقص بالخيل وركوب الجمال وغيرها من مظاهر الاحتفال التي تشيد بمدى حبهم له.
اقرأ أيضًا: كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله
3- عبد الرحيم القنائي
في حال البحث حول قصص أولياء الله الصالحين، لا يجب التغافل عن ذكر عبد الرحيم القنائي الذي يعتبر واحدًا من أولياء الله الصالحين الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين رضي الله عنه ابن الإمام علي رضي الله عنه.
ولد عبد الرحيم القنائي في الأول من شعبان في عام 1127 ميلاديًا، والذي يوافق 521 هجريًا في مدينة ترغاي بإقليم سبتة في المغرب إذ عاش وترعرع هناك، ومن الجدير بالذكر أنه كان حافظًا لكلام الله عز وجل، ويجيد قراءة القرآن الكريم.
يقع مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي في محافظة قناة، ويعد ذلك المسجد من أكبر المساجد هناك، وتبلغ مساحته من الداخل نحو 1250 متر مربع، ويأتي إليه الناس من جميع محافظات مصر لكي ينتفعون من كرامته، لذا تم التعاون مع شركات تطوير عقاري لكي يتم تجديده وتوسيعه لِما يليق به.
كان لسيدي عبد الرحيم القناوي العديد من الكرامات، ومن بينها أنه كان هناك ساقية يديرها عجل، ومن ثم أتى أسد وقام بأكل ذلك العجل، وعندما علم القناوي بذلك الأمر أتى إلى الأسد وأجبره على إتمام باقي العمل بدلًا من العجل الذي قام بأكله، وبالفعل قام بتنفيذ ما طُلب منه، وكان يأتي إليه يوميًا لإطعامه.
يروى أيضًا أنه أتاه رجلًا وكان شديد الفقر ويشكو له من قلة حيلته أمام أولاده، فقام سيدي عبد الرحمن القناوي بإعطائه قدحين من الغلة ونصحه بأن يقوم بخلطهم بغلته، وبالفعل قام الرجل بتنفيذ ما طلبه منه وأخذ يقوم بطن الغلة لمدة 4 شهور كاملة والغلة لم تنفذ ابدًا.
اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في عمان
4- جلال الدين السيوطي
من ضمن قصص أولياء الله الصالحين يجب العلم أن جلال الدين السوطي يعتبر واحدًا من أبناء الطرق الصوفية وتم منحه لقب العارف بالله، ويتردد الناس على مسجده بشكل كبير في مدينة أسيوط، كما أنهم يقضون شهر رمضان في داخل أروقة المسجد لزيارة المقام، وذلك في وسط ابتهالات وتبرك.
لذا فيمكننا القول إن هذا المسجد يعد من المزارات الدينية الهامة، وكان جلال الدين يُجيد العديد من الأمور التفسير وكان مؤرخًات وأديب وفقيه، ومن أبرز الأمور الواردة عن حياته أنه عندما أتم الأربعين عامًا خلا بنفسه واعتزل الناس تمامًا.
كما أن كان له العديد من الكرامات فكان يُقبل إليه العديد من الأغنياء ويجلبون له الهدايا ولكنه كان يردها جميعها حتى إن توفاه الله.
اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في سوريا
5- أبو الحسن الزاهد
كان أبو الحسن الزاهد واحدًا من أولياء الله الصالحين، وكان له العديد من الكرامات، حيث كان يداوم على فعل العبادات، وعندما سمع أبو الحسن عن عقاب ابن طولون والي مصر عن العقاب الذي كان يعاقب به المسلمين وهو حبس الطعام والشراب عنهم حتى يموتون جوعًا وعطشًا.
فكان له دور كبير في محاولات الدفاع عنهم، وكان ذلك جهادًا في سبيل الله وفقًا لِما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: “أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر”، فقام بالذهاب إليه وقال له اتق الله في دماء المسلمين.
فأمر الحاكم الظالم أن يتم سجنه وأمر بأن يتم تجويع أسد لمدة ثلاث أيام، ومن ثم جاء به وأجمع الناس وأطلق الأسد، فقام أبو الحسن الزاهد بالصلاة بالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، فلم يقترب منه الأسود، وهو ما جعل الناس أذهلوا من قدرته وكراماته.
مكانة الأولياء والصالحين في الإسلام
إن هناك عدد كبير من قصص أولياء الله الصالحين التي تم ذكرها في كتب التاريخ الإسلامي، ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الأشخاص لهم مكانة كبيرة في الإسلام، لذا فإنه يجب موالاتهم وتحرم عباداتهم، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى:
“إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ” سورة المائدة، كما ورد في السُنة النبوية المطهرة عن أولياء الله الصالحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه”.
قصص أولياء الله الصالحين يمكنها إعطاء الناس العظات، فإنهم من أكثر الأشخاص القريبين لله عز وجل والاستفادة من حياتهم، والتحلي بقدر من صفاتهم قد تقود العبد إلى دخول الجنة.