سار النّبيّ سويعة وتوقّف فتكلّمت ساره
ما هذه الأرض الّتي نمضي بها يا خليل الله؟
صمت النّبيّ هنيهة وأجابها متبسّما
إنّي أرى لترابها نورا يفيض سناه
والأفْق في أرجائها لا مُحدق بمداه
هل تعرفين خصالها يا زوجتي؟
إنّي أرى بسمائها حلْما يفوح شذاه
اقرأ أيضًا : قصيدة (بِلَا لِسَانٍ) للشاعرة العراقية ناهد الشمري
* * *
وتوقّف الرّكب الطّويل وأنزلت كلّ الجِمال رِحالها
قال النّبيّ وقد أحسّ براحة
ليت البراري كلّها تغدو بمثل جَمالها
قال الّذي ساق الجِمال مقهقها
أين الجَمال وكلّها صحراء يُحرق قيضها؟
إنّي أرى وديانها وجِبالها
وعلى الضّفاف تمايلت أشجارها ونخيلها
وغدا تعود وتحتمي بظلالها..
وستذكر ما قال يوسف عندها..
* * *
في ليلة دهماءْ
غاب قمرها عن السّماءْ
وقف النّبيّ وقد رأى في الأفْق قبَسا من ضياءْ
هل يا ترانا نهتدي بشعاعه؟
فأجابه سبحانه أن قد هُديتَ بفضلنا
واخلع حذاءك إنّك أمسيت في سيْناءْ
* * *
قال الوليد لأمّه في الهجرة
إنّا مررنا قرب أرض لا يُرى إلاّ جليلا طهرُها
وتميّزت رغم القساوة إنّما في ذاك يكمن سرّها
إن أتعبتكِ جبالها فملاذ روحك بحرُها
إنّ الجَمال منازل وجَمالها يبنيه قطعا سحرُها
اقرأ أيضًا : لاميةٌ عاشقة ٌ الشاعرة التونسية / خيرة خلف الله
* * *
يا سيْناء.. يا سيناءْ.. يا سيناءْ
يا معبر نور الأنبياءْ
هل يا ترى تنصفكِ قصائد الشّعراءْ
إنّي أراكِ تسائلين النّفس بكلّ تواضع
ما جدّ في سيْناءْ؟
بجبالكِ.. بسهولكِ.. بتلالكِ
وبخضرة الفيروز تحت ظلالكِ
وبملمس الأبنوس فوق رمالكِ
هل يا تراني أبالغ لو قلتُ أنّي
إنّما أبني القصيدة من شعاع خيالكِ
وشواطئ الأحلام ترسو على ضفاف دلالكِ
وقلاعكِ رمز الصّمود تذكّر بشموخكِ ونضالِكِ
وأناسك من طوركِ لعريشكِ يبنون صرح جلالكِ
إنّي أراك تُسائلين النّفس بكلّ تواضع
ما جدّ في سيناء؟
فهل تراني يا حبيبةُ قد أجبتُ سؤالكِ؟