بقلم : أحمد عواد
فى الوقت الذى قطعت فيه الدبلوماسية المصرية شوطا كبيرا مرهقا بشأن التفاوض حول سد النهضة الاثيوبى لازالت الرأسمالية المتوحشة تدفع أثيوبيا فى نسختها الصهيونازية بشكل عدائى فى محاولة لتوقيف خطة التنمية المصرية التى وضعت مصر على الخارطة الاقليمية بقوة فضلا عن تطلعاتها كقوة يافعة على الصعيد العالمى تربطها علاقات متزنة مع كافة القوى دون انحياز مما يتعارض مع النسخة الاستعمارية المحدثة والتى ترى فى الهيمنة الاقتصادية على معظم دول العالم بوابتها لنهب مقدرات الشعوب فضلا عن ادارة الصراع على مصادر الطاقة والمياه باعتبارهما ادوات ضغط سياسية لتركيع الشعوب والحكومات أو لإبادتها وقد عانى الشرق الأوسط ومصر فى القلب منه من هذه التصرفات والرؤى والتى وضعت منظماتها الدولية داخل كسبولات الحياة الاكلينيكية لتفيق وقتما تشاء وتغفو ويبدو هذا صارخا فى العدوان الامريكى على العراق فى العام ٢٠٠٣ ومانتج عنه من اثار مدمرة لاتزال تعانى منها العراق على مدار العقدين من الزمان دون تحمل الولايات المتحدة الأمريكية ادنى عقوبة من مجلس الامن باعتبار ماتم واثاره من جرائم الحرب وفقا لما ذهبت اليه منظمات حقوق الانسان فى ملف جواتيمالا ضد الجنود البريطانين الذى وقفت بريطانيا فى مواجهة القرار باعتبارها تقف تحت المظلة الأمريكية
اننا نواجه نسخة معقدة من الهجمات الاستعمارية الشرسة التى تعمد الى وئد كافة خطط التنمية بالشرق الاوسط وخاصة المنطقة العربية وتحديدا مصر لما تمتلكه من مقومات الحياة استراتيجيا وجيو سياسيا خاصة وهى تمتلك من مقومات القوة ما يمكنها من الدفاع عن حقوقها على المستوى الاقليمى بعيدا عن تشابكات المصالح الدولية التى تديرها قوى الاستعمار الجديد والتى تدفع بقوة نحو تخفيض مستوى التأثير بمجلس الامن الدولى على الضغط لإيجاد حلول سلمية غير واضحة لازمة السد العدوانى على مصر والسودان يتجلى ذلك فى تصريحات رئيس الجلسة مسبقا عن رؤية محبطة للتاثير على القرار المنتظر فى جلسة الغد والذى تتوجه اليها انظار العالم وتحبس انفاسها باعتباره قرار استراتيجى فارق تؤسس عليه الكثير من التصرفات فى المنطقة التى تعانى اصلا من عدم الاستقرار لفترة كبيرة وفقا للرؤية الغربية التى استثمرت كافة الخروقات لتحقيق مكاسبها والهيمنة على الاقتصاد العالمى خاصة بعد اتخاذها للكثير من الاجراءات والمحاولات التى تمكنها من اقصاء روسيا والصين مستخدمة قوانين العقوبات الاقتصادية ضدهما على غرار قانون( كاتسا ) الا ان روسيا والصين يحاولان فك هذه التشابكات بتوازنات القوة ومن هنا ندرك ان ملف السد الاثيوبى العدوانى المشتعل فى مواجهة مصر والسودان والذى تدفعه أثيوبيا للانفجار باعلانها بدء الملئ الثانى بشكل منفرد دون التزام واضح بحقوق دولتى المصب بتوطين فكرة السيادة المنفردة على النهر والذى دفع جامعة الدول العربية لمخاطبة مجلس الامن الدولى باعتبار ذلك استفزاز يؤثر على الامن والسلم العربى ومن ثم الشرق الاوسط ويأتى دعم الاشقاء العرب لهذا الملف ليؤكد على الايمان الراسخ بأن أمن مصر والسودان يرتبط بشكل لن يقبل التجزءة بالامن العربى
وهنا لانملك سوى التمسك بالثقة فى رؤية القيادة السياسية فى جمهورية مصر العربية والتى تسميه حقيقة ( ملف وجودى ) ولن تسمح بانتقاص قطرة واحدة من مياه النيل باعتباره حق تاريخى لمصر فضلا عن كونه المحرك الاقتصادى الاول الذى يضمن الاستقرار ومن ثم يحقق استثمار كافة المعطيات وهنا
تتبقى لحظات تاريخية تحدد فيها مصر بكل ثقلها انطلاق البوصلة نحو فض اشتباك دام قرابة عقد من الزمان جمعت فيها كافة خطواتها الدبلوماسية وتحلت بالصبر وهى تؤمن بحق الشعوب فى التنمية دون المساس بحق الشعوب فى الحياة