تستعد الصين لاستثمار مليارات الدولارات في أفريقيا من خلال مؤسسة “متعددة الأطراف” و ذلك لاول مرة فى تاريخ التغلغل الاقتصادى لبكين داخل افريقيا منذ قرابة العقد من الزمان .. و لطالما كانت الصين تعتمد سياسة يطلق عليها “دفتر الشيكات” و اساسها سياسة الصفقات الثنائية في القارة السوداء.
ابرز مؤشر على تغيير السياسات الصينية ، كان كشف كشف النقاب عن التعاون المشترك بين الصين اكبر مستثمر اجنبى و البنك الأفريقي للتنمية أكبر مقرض فى مجال التنمية بالقارة الافريقية ، حيث تم الاعلان هذا الاسبوع عن أداة استثمارية جديدة اطلق عليها اسم ” صندوق أفريقيا للنمو معا ” بقيمة استثمارات تبلغ 2 مليار دولار وسيتم توقيع بدء العمل بالصندوق ن هذا الأسبوع خلال الاجتماع السنوي لبنك التنمية الأفريقي في كيجالي، عاصمة رواندا.
لقد اعتادت الصين ” السياسات الثنائية في أفريقيا ” و اعلان الصندوق المشترك الجيد يعنى محاولة من بكين لنهج سياسات أكثر متعددة الأطراف “.و هو ما وصفه الاقتصاديون بانه علامة تحول رمزية للممارسات الصينية السابقة ، و يبدو ان الصندوق جزءا من جهد أوسع من قبل بكين لإعادة تقويم علاقاتها مع أفريقيا و ردا على الانتقادات داخل وخارج القارة.
و لقد اعترف “لى كه تشيانج” رئيس مجلس الدولة الصينى، خلال أول زيارة له للقارة هذا الشهر أن العلاقة بين بكين وشركائها الأفارقة عانت “آلام النمو” و لكنه رفض اتهامات بأن بكين تنتهج سياسات الاستعماري الجديد في أفريقيا .. و قال ” تشانج ” :”أود أن أؤكد لأصدقائنا الأفارقة، بكل جدية، ان الصين لن تسعى أبدا الى مسار الاستعمارية كما فعلت بعض الدول أو ان تسمح بعودة مثل هذه السياسات التى تنتمي الى الماضي لتعاود الظهور في أفريقيا مرة ثانية ، وبالنسبة للصين وأفريقيا، فالتعاون يعني وجود فرص ، والتعاون يعنى الفوز”.
و ابرز ما يحمله” صندوق أفريقيا للنمو معا ” الجديد انه سيسمح بفتح الابواب امام المستثمر الامثل والأنسب بدلا من احتكار الشركات الصينية القائم الان للمشروعات فى افريقيا التى تدار براسمال صينى ، و هو رد صينى على انتقادات الغرب على ما وصفوه سابقا بسياسة ” دفتر الشيكات ” التى تنتهجها الصين و التى كانت وزيرة الخارجية الامريكية ” هيلارى كلينتون” اول من استخدم هذا المصطلح لتحذير الدول الافريقية من السياسات الاقتصادية الصينية داخل بلادهم .
سياسة “دفتر شيكات” كانت تتهم بكين باتباع سياسة إقراض المال للدول الافريقية مقابل الاستفادة المنفردة بادارة و تنفيذ الشركات الصينية للمشروعات التى يتم تمويلها بدا من الطرق الى المستشفيات و الاستادات و المطارات و غيرها في جميع انحاء القارة الأفريقية ، و كان من ضمن الانتقادات ايضا التشكيك فى جودة تنفيذ المشروعات التى تقوم بها الصين و وصفها بانها ذات نوعية اقل ، و يتم فيها استخدام العمالة المهاجرة من الصين بدلا من السكان المحليين.
“اليكس فاينز Alex Vines ” رئيس برنامج أفريقيا في مؤسسة “تشاتام هاوس” ومقرها لندن ، يرى ان توسيع الاستثمارات الصينية في أفريقيا ، كان بمثابة”صداع سياسي” لبكين ، حيث كانت هناك اعداد متزايدة من النزاعات حول الشركات الصينية”، و اشاد ” اليكس” بتوجه الصين الجديد نحو الشركات المتعددة الأطراف، ولكنه اكد على المشاركات الثنائية الصينية مع أفريقيا لا تزال أكبر بكثير ويمستمرة في النمو.
وهو ما اكده بالفعل رئيس مجلس الدولة الصينى فى زيارته الافريقية الاخيرة ، حيث أعلن السيد” لى” ان بكين ستزيد خطوطها الائتمانية الثنائية مع البلدان الأفريقية الى نحو 10 مليار دولار ، ليصل المجموع إلى نحو 30 مليار دولار فى الفترة من عام 2013 الى 2015 .
“تشانغ تشون” ، وهو خبير في العلاقات الاقتصادية بين الصين وافريقيا في معهد شنغهاي للدراسات الدولية، ان بكين ستسعى ايضا الى تعميق النهج المتعدد الأطراف بعد ان كانت استراتجيتها ا تعتمد على العلاقات الثنائية.. و اشار ايضا ان الصين ستسعى لتعزيز العلاقات و جعلها أوسع وأعمق مع أفريقيا، وستعمل على توسيع التركيز بدلا من النفط والسلع الأخرى إلى التركيز على الاستثمار في الصناعات التحويلية وغيرها من الصناعات التى تحتاجها دول القارة .
و يشير الخبراء ان تغيير استراتجيات الصين الاستثمارية الاقتصادية يبدو انه يتفق ايضا مع ميل لتعيير استراتيجياتها السياسية داخل القارة الافريقية ، حيث بدات تستغل بكين تواجدها المتزايد فى القارة لتشارك فى في المسائل الأمنية، وقد بدات فى إرسال جنود إلى مالي في وقت سابق هذا العام للانضمام لبعثة حفظ السلام الدولية في أفريقيا لأول مرة ، وقد لعبت بكين أيضا دورا نشطا في مفاوضات السلام في جنوب السودان.
و يذكر ان العلاقات التجارية الصينية الافريقية التى اتسعت على مدى العقد الماضي، حققت للصين دفعة تاريخية لفرص العمل والتأثير الموسع في أفريقيا، فقد بلغ التبادل التجارى المشترك نحو 200 مليار دولار العام الماضي، ارتفاعا من 10 مليارات دولار في عام 2000 و مليار دولار فقط في عام 1980، و ذلك وفقا لبيانات الجمارك الصينية