زعامة الشرق الأوسط: طبقا لما ذكره “روسيا اليوم” تشهد العلاقات السعودية-المصرية حالة توتر باتت جلية في وسائل إعلام البلدين،
وفي تعليقات الصحافيين والمحللين السياسيين في القاهرة والرياض.
“الوقت جزء من العلاج” –
هذا المثل العربي بات يلخص ما آل إليه حال العلاقات المصرية-السعودية بعد موجة من التراشق الإعلامي ألهبت المشهد الرسمي،
الذي طالما أخفى قناعاته المتباينة خلف دبلوماسية تطابق وجهات النظر.
ولا يمكن تحميل مسؤولية ذلك لتصويت مصر للقرار،
الذي يتبنى وجهة النظر الروسية في إيصال المساعدات،
والحل السياسي للقضية السورية في مجلس الأمن،
وما أعقبه من اتهام سعودي رسمي بخرق الإجماع العربي؛
إذ لم تقف السعودية إلى جانب الرئيس المعزول محمد مرسي رغم تجييشه للمتطرفين ودعوة أنصاره إلى الجهاد في سوريا – إذا جاز القياس -،
وما أعقب ذلك من دعم غير محدود للقرار المصري والاقتصاد أيضا من جانب الملك الراحل عبد الله، الذي قال متحديا الجميع:
“من يتخاذل عن دعم مصر لا مكان له بيننا”.
مضت الأيام وتجاوزت مصر مرحلة الثورة والانكفاء على الذات لتعود مثقلة وطرفا فاعلا في صراعات عربية وإقليمية تهدد الأمن القومي العربي،
لم تمنعها عرقلة قرار الجامعة العربية بتشكيل قوة عربية مشتركة من القيام بدور فاعل في ليبيا وسوريا واليمن،
والتعاون مع السعودية التي اقترحت بديلاً غير قابل للتطبيق بتشكيل قوة إسلامية.
زعامة الشرق الأوسط بين مصر والسعودية
ومؤخرا، فجر إخطار شركة أرامكو السعودية وزارة البترول بوقف إمدادات النفط لمصر خلال شهر أكتوبر الجدل الدائر حول مصير المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر،
وما صاحبها من شائعات وصلت إلى حد اتهام الرئيس السيسي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير مقابل استمرار تدفق تلك المساعدات،
وهو ما نفاه الرئيس قطعيا وأعلن ترك الأمر برمته في يد القضاء المصري،
كما أكد أن الاتفاق مع شركة أرامكو تجاري بحت سرعان ما تحركت مصر لتوفير بدائله، من دون أن تنشب أزمات داخلية.
التراشق الإعلامي المصري-السعودي في هذا المرة كان واسع النطاق،
ولا يعبر عن حجم التفاهمات المشتركة بين قيادة البلدين،
ولا تسمح قواعد المهنية بنقل ما قيل في هذه الوسيلة أو تلك بين سطور هذا المقال؛
لكنه لم يكن عشوائياً ويحمل العديد من علامات الاستفهام،
خاصةً إذا توقفنا عند ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوار متلفز مع قناة سعودية من أن
“الحكم الحالي في مصر هو حكم الانقلاب”.
وبلغ الانزعاج السعودي ذروته من لافته إعلانية ضخمة لقناة الغد تحمل صورة مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي وسط القاهرة وهو يلتقط لنفسه صورة سيلفي مع أبراج في الخليج بالرغم من تأكيدات قناة الغد أن الصورة تعبر عن الأطماع الفارسية،
لكن واقع الأمر أن كرة الجليد الإعلامية سرعان ما أوشكت على الذوبان.
وقد جاء حديث الرئيس السيسي من منبر القوات المسلحة
مؤكداً استقلال القرار المصري رداً على الموقف السعودي من تصويت مصر لمصلحة القرار الروسي في مجلس الأمن،
وتأكيده أيضا اعتبار أمن الخليج جزءاً من الأمن القومي المصري،
وما حمله من معان ليشير إلى وجود سوء فهم حقيقي في مسألة حق مصر في تبني ما تراه مناسبا لسياساتها ومبادئها، ولم يذهب وفد مصري رفيع المستوى هذه المرة لتوضيح وجهات النظر إلى الرياض كما أوردت صحيفة “عكاظ” السعودية إيماناً من صانع القرار المصري بأن التنسيق المصري-السعودي في مختلف قضايا المنطقة ضرورة استراتيجية بما يخدم رؤية البلدين في كل قضية على حدة من دون الإخلال بثوابت الإجماع العربي.
هذا، وهناك عوامل مشتركة كثيرة تربط مصير السعودية بمصر وتضعهما في خندق واحد أمام ما يصفه بعضٌ بالأطماع الفارسية والعثمانية ومخططات تقسيم الشرق الأوسط التي أصبحت واقعا في العراق وسوريا وليبيا واليمن. فعن أي صراع؟ وعلى أي زعامة للشرق الأوسط أو ريادة يتحدثون؟ وما فائدة أن تكون قبطانا لسفينة غارقة؟