جاذبية حقيقية يحملها شخص ما بعينه دون غيره من الأحياء ، هو بذاته و صفاته على إختلافه أو إن كان يُشبه أحد ، يكون هذا الشخص في الغالب أقرب إلى صورتنا الذهنية عن الحبيب،
ويدعى عُلماء النفس أنه وقت التعارف بشخص جديد يحدث أن تكون هناك قائمة “check list”، فيقوم الدماغ لا شعوريا بإحصاء المتشابهات فنتقرَّب من هذ الشخص لو زادت ، أو يحدث العكس حين يحصر الدماغ عظيم الاختلف بيننا و بين هذا الشخص ، فيقوم بإعطاء إنذارات حارقة تُحذرنا بالإبتعاد عنه!
بين التردد و الإقدام ، بين المعرفة و الجهالة ، القلق و اليقين ، تترقب كل المُتضادات شخصًا وحيدًا دون غيره .
فنترقب وصوله ، وحين يأتي يكون الإرتباك كما لو أننا بدأنا بطهو أجسادنا على التنور ! بعد لحظة الاعتراف المُتبادل بالحُب ، تبدأ احتمالات الفشل ؛
لأن إعلان الحُب ينفي كل ما قد يُقابله من مُشكلات ، فتكون العبرة بالبداية !
“أنا لا أكذب، و لكنني اتجمّل”
تجعل الحب مقرونًا بالتضليل والكذب حين نحتاج إلى الكذب و الخداع كحلٍ مؤقت لنحافظ على العلاقة فيكون الحُب هو السبب وراء هذا الاختيار ونجد أنفسنا مدفوعين نحو الكذب ؛
لكن ما يحدث في الحقيقة ، هو هدم لأول السواعد التي تقوم عليها العلاقات القوية ، لأن نصف حلول المُشكلات يكمُن في المًصارحة من دون تجريح ، و تحري الصدق في التعبير دون مُبالغة ؛
رغم أن الحُب يمنحنا الحدس للنفاذ إلى أعماق الآخر لنتحد به ، فالمُحب ؛
لا يعرف من الاتجاهات غير السير قُدُمًا فلا ينظر خلفه ، بل ينظر فقط نحو من يُحب ، وما يُحب ، ليتعلق نظره دومًا بالآخر ؛
وغالب الشعور أن الحُب من أول نظرة هو الأجمل دائمًا ، لا لسبب غير أنه لا يحمل خبرات سيئة ، فليس بيننا وبين هذا الشخص شيء يمنعنا من الحُب ، حيث أشار عقلنا أولًا ثم مشاعرنا أنه هو بعينه الذي نود الإتحاد به و الإتئلاف معه والإستغناء به عمن سواه.
ففي البداية يقودنا الحماس نحو وصف المحبوب بالجاذبية المُطلقة ، الجمال المُطلق ، الذكاء المُطلق ، والشعور معه بالسعادة المُطلقة ، ونتقبل أي إشارة إيجابية منه أنها إجازة لنا بالإقتراب حول هذه الأرض الجديدة ، وسبر أغوارها حتى نُدرك العُمق ، ساعتها فقط تتغير الإنطباعات الأولى التي يتشدق البعض بالإلتصاق بها ؛
رغم كونها مجرد صورة ذهنية غير حقيقية والتجربة وحدها هي الكفيلة بتأكيد إنطباعاتنا الأولية أو إلغائها كُليةً.
ولأن كلمة الحُب كلمة رمزية ، فهي تُشير إلى أشياء لا تُرى بالمرة ، لكن السعي كُله يكون لترجمة هذا المعنى ، وإشاراته ، ورموزه ؛ فالكلام الذي نستخدمه للتعبير عن مشاعر الحُب ، في حقيقته ينطوي على الرمزية ، و المُبالغة أكثر من المنطقية و الواقعية ، و السعي كُله لأجل تأكيد المشاعر باستعمال عبارات قوية مُؤثرة فتقوم العبارات بمقام الفعل ، حيث يتوهم البعض أن المُبالغة في التعبير ، من أمارات الحُب وكذلك تعمل المُبالغة على تسهيل إحكام السيطرة على المحبوب ، و كذلك التيقن من إقتناعه أننا غارقين في الحُب ، و يُبررون هذا بأن المشاعر السهلة البسيطة والمواقف السلسة لا تُثير لديهم الشعور بالأهمية ، ورُبما تقودهم سهولة الحياة إلى الشعور بالزُهد والإهمال.
فما بالك بالمحبوب!! هؤلاء الحياة بالنسبة لهم معركة يُرضيهم فيها الشعور بالإنتصار والاستئثار ، وكأن الصعوبات والمعارك هي التي تمنح الناس والمعاني أهميتها ، لهذا فإن الشخصيات الخاضعة التي تستجيب للإشارات بسهولة دون أدنى جهد ، ولا تستعرض مهارات القبول والرفض ، تدفع الشخص إلى الهروب منها والاستخفاف بها وتجاهلها ، وكأن إنجذابها لنا ، وبدء العلاقة بسلمية أمر يدعو للتعجُب والدهشة والاستفهام . فلا نهتم ساعتها بكشف ميزاتنا أمام أنفسنا و نستعرض أسباب انجذاب الآخرين لنا بل نهتم بإشارات السوء وإنتقاص الأهمية و كأن هذه العلاقة غير جديرة بالميلاد فتموت فورًا .