الأديبة هناء جوده
قصة مكالمـــــــة
**************
يرخي الليل أستاره على قافلة وقتها البطيء … فى ليلة خريفية كتلك القسمات التى تطالعها فى مرآتها تَجلس دون اكتراث لشىء على مقعدها الهزاز بجوار النافذة ، ممسكة بجهاز التحكم عن بعد للتلفاز ، كعادة قميئة لقتل الوقت و الانتظار ………
في الخارج كان الهدوء يسيطر على المكان ، والظلمة تلفّ الكون فى ثوب حداد كئيب ، وحدها ، رياح الشوق تهب عليها ، توقظ فيها بعض ما كان ، فتبتسم . وتوقظ ذكريات أخرى فتنتحب .
كان قلبها ما يزال يحترق حبا وشوقا، مصطدما بصخرة عاتية اسمها عزة النفس ، بعد أن قررت المواجهة لتضع حدا فاصلا لهذا الجنون، ، . فإن كان من تحب لا يبالي بعذابها وشقائها فليبق بعيدا غارقا في صمته، وليتركها وحيدة تصارع موج النسيان .
يرن الهاتف …………. ترتعش أطرافها ممسكة به ، محاولة التماسك قبل أن ترد
– آلو…
– كيف حالك ؟ قالها بحنو كما لو كان يقولها كل يوم ………..
– بخير .. قالتها و لا تعي ماهية الخير فى ذلك.
– سأعود فى طائرة الفجر … لأنعم بقربك ما بقي لي من العمر …
قالها ظناً منه أنه ما زال يملك مفاتيح قلبها .
– أحقا؟!!! قالتها بلا تصديق. أو اهتمام
تفاجأ صوته وظلّ عالقاً في حنجرته لحظة طويلة.
– ألا تصدقين ؟؟ قالها بخفوت… وضعف… وقلق.
– لا يهم ..
– أريد أن تعلمي كم اشتقتك و طفلنا ! كم عانيت من بعدكما !
– لم يعد يهمني ما أنت عليه الآن
فاجأته قذائفها السريعة المتكررة. فتعثّر لسانه أمام موقفها الصلب
– سأعود لبيتي و لطفلنا و لك …………… ستودعين الانتظار من اليوم ….
– تأخرت كثيراً؛ الطفل صار رجلاً ، حارب فى ميدان الحياة لنحيا دونك ومات فى ميدان الحرية حين كنت تحتسي الخمر مع العاهرات ….. أما أنا فلم أعد أنتظر إلا لحظة اللحاق به. لا تعد فما فقدته لا سبيل لي باستعادته .
أغلقت الخط و ألقت بالتليفون – فى ركن الغرفة – صامتا كعهده منذ سنوات.
****************************************************************************************************************************************************