أ ش أ
قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم الأحد “إن التحالف العربي الإسلامي الغربي (إن جاز التعبير) يمكنه العمل ضد عصابة (داعش) الإرهابية في سوريا إلى حد معين” .. مضيفا “إنه يتعين على السوريين أنفسهم في نهاية المطاف حسم الأمر خصوصا عندما نصل مرحلة المواجهة في عمق الأراضي التي تسيطر عليها هذه العصابة وهي الرقة في الشمال”.
جاء ذلك في مقابلة أجراها الإعلامي الأمريكي فريد زكريا مع العاهل الأردني وتم بثها اليوم الأحد ضمن برنامج (جي بي أس) في محطة (سي أن أن) الإخبارية الأمريكية, حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي.
وعما إذا يعتقد أن إلحاق الهزيمة بداعش سوف يتطلب وجود قوات برية أمريكية على الأرض..
أجاب الملك عبدالله الثاني قائلا “إن الكثير منا يعتبرون هذه المعركة معركتنا وهي تمثل تحديا أمام العرب والمسلمين وبالتالي فإن إبقاء القوات البرية الغربية بعيدة عن الميدان يشكل جزءا من عناصر العمل المستقبلي”.
وردا على سؤال (هل سيكون من صالح داعش وجود قوات أمريكية)..قال العاهل الأردني “سيكون ذلك أحد الجوانب فداعش سوف تستغل ذلك وتصوره على أنه احتلال , وذلك غير صحيح, كما سيصورون وجود القوات الأجنبية باعتبارها حملة صليبية أخرى, وهي أيضا صورة خاطئة,
لأن المعركة هي معركتنا في الحقيقة”.
وتابع “لكن في الوقت نفسه وعندما تنظر إلى سوريا والعراق فإن المسألة سيادية ولها
علاقة بسلامة أراضي الدولتين وعليه يجب أن يكون السوريون أنفسهم هم من يعالجون قضاياهم
وكذلك العراقيون, وهذا لا يعني بالطبع أنه لا يمكن مساعدتهم من خلال العمليات الجوية, وربما عبر عمليات للقوات الخاصة في المستقبل لكن هذه الأمور مازالت قيد البحث والنظر”.
وشدد على ضرورة النظر إلى التحديات في سياق نهج شمولي, قائلا “أعتقد أن هذا هو التحدي الماثل أمامنا لعام 2015 فبينما التركيز منصب اليوم كما هو واضح على العراق وسوريا لا يمكن لنا أن ننسى مشاكل سيناء وليبيا والتحديات التي تواجه أفريقيا مثل تنظيم بوكو حرام وحركة الشباب والمشاكل التي تتسبب بها هذه المجموعات المتفرعة عن تنظيمات إرهابية أكبر لقارة آسيا بشكل عام”.
ودعا الملك عبدالله الثاني في هذا الإطار البلدان العربية والإسلامية المتوافقة في الفكر وبقية المجتمع الدولي إلى ضرورة العمل معا والتوصل إلى آلية لتقاسم المسئوليات وحشد الجهود والتعامل مع المشاكل بنهج شمولي.
وردا على سؤال (هل يجب أن يكون التصدي لداعش عربيا إسلاميا في جوهره أم يجب أن يتولى
الغرب القيادة)..أجاب العاهل الأردني “يجب أن يكون هناك رد موحد لقد قلت هذا للقادة في العالمين العربي والإسلامي والعالم بشكل عام , هذه حرب عالمية ثالثة ولكن بمفهوم آخر , فهي تجمع المسلمين والمسيحيين وأتباع الديانات الأخرى معا في معركة الأجيال هذه والتي تتطلب منا أن نخوضها معا , إنها ليست معركة غربية, بل هي معركة الإسلام, يشارك فيها الجميع جنبا إلى جنب ضد هؤلاء الخوارج”.
وتابع “إن هذه الحرب هي حربنا منذ فترة طويلة ضد هؤلاء الذين يصفهم الكثيرون بالخوارج
وهؤلاء بشكل أو بآخر خارجون عن الإسلام وقد حاولوا تنفيذ سياسات توسعية منذ اللحظة
التي ظهروا فيها في محاولة لتوسيع وبسط سيطرتهم على مناطق المسلمين, وفي الوقت الذي حاولوا أن يلعبوا فيه دور الضحية مدعين أننا كمسلمين نستهدفهم !”.
وقال متسائلا “ماذا إذن عن المئات إن لم يكن الآلاف من المسلمين الذين سفكت داعش دماءهم
في سوريا وفي العراق على مدى العام والنصف الماضي وكذلك بالنسبة للعشائر التي تم إعدام أعداد كبيرة من أبنائها خلال العام والنصف الماضي في شرق سوريا وعلى نفس القدر من الأهمية في غرب العراق ومسئوليتنا هو أن نمد يد العون لهم , لذلك فهذه الحرب هي حربنا ولدينا مسئولية أخلاقية تستوجب التواصل مع هؤلاء المسلمين لحمايتهم ومنع داعش من أن يصلوا إلى حدودنا”.
وحول ما تعهدت به الحكومة الأردنية برد مزلزل على داعش وعما إذا كان هناك المزيد من الردود في المستقبل..أجاب الملك عبد الله الثاني “حسنا , كما تعلمون , فإن الرد المزلزل الذي يتطلب تسخير جميع القدرات العسكرية ليس شيئا يتم إنجازه بين عشية وضحاها.
لقد كان هناك رد هائل من خلال الحملة الجوية , والعمليات لاتزال مستمرة في سوريا, ونحن كذلك ننسق مع أشقائنا في العراق وهناك نهج طويل المدى اعتمدناه في هذه المسألة”.
وعن الأوضاع في سوريا وعما إذا كان عليه في لحظة ما أن يكون في تحالف مع الأسد بحكم
الأمر الواقع..أجاب الملك عبدالله الثاني “هذا هو جزء من الحيرة التي ألمسها لدى المجتمع الدولي , أعني , كيفية التعامل مع سوريا , لأن في هذه اللحظة هناك قضيتان مسألة التعامل مع النظام والتعامل مع عصابة داعش , نحن في الأردن طالما آمنا بأنه يجب أن يكون هناك حل سياسي لسوريا , إلا أن قضية داعش تتقدم المشهد الآن”.
وأضاف”إننا في وضع نسعى فيه إلى تحقيق هدفين في آن واحد وهو أمر يجب أن يقرر المجتمع
الدولي كيفية التعامل معه , نحن نؤمن بوجوب التوصل إلى حل سياسي يجمع القوى المعتدلة
والنظام على طاولة واحدة لأن هناك مشكلة أكبر يواجهانها , ولكن كيفية تحقيق ذلك غير واضحة للآن”.
وعن أحداث باريس..قال العاهل الأردني “إن هناك فرقا بين حرية التعبير وخطاب الكراهية فقد ذهبت أنا ورانيا إلى باريس لأن هذا هو الموقف الصحيح للوقوف في وجه العنف والإرهاب , لكننا كنا أيضا هناك للتضامن مع شرطي مسلم شاب اسمه أحمد والذي كان أول شرطي يصل مسرح تلك الجريمة, وبذل حياته ثمنا للدفاع عن واجبه”.
وأضاف “كنا هناك أيضا للتضامن والدفاع عن الأبرياء الذين قتلوا زورا باسم الإسلام , ومنهم ما يقرب من 150 من التلاميذ الذين كانوا قد قتلوا في مدرسة بباكستان, والآلاف الذين قتلوا في قرية في نيجيريا في يوم واحد , والآلاف من المسلمين الذين يقتلون كل يوم في سوريا والعراق”.
وتابع “علينا أن نأخذ عبرة من نظرة النبي صلى الله عليه وسلم, للحياة وكيف أنه تعرض للاضطهاد في بداية دعوته للإسلام, ولكنه سامح من اضطهده. لقد تعرض وعائلته لأذى كبير ومعاملة قاسية, ولكنه غفر لمن حوله , عندما أرى كيف يدعي هؤلاء المتطرفون أنهم يدافعون عن الرسول في حين أنهم لا يفهمون حقيقة شخصيته فإنه أمر مهين, لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان دائما متسامحا وليس هذا ما يريدونه, إنهم يريدون زرع الكراهية”.
وشدد في هذا الإطار على ضرورة التوحد جميعا في الدفاع عن صورة الأديان , مطالبا وسائل الإعلام بالتركيز على الأخبار الإيجابية التي تبين أن المسلمين والمسيحيين متحدون جميعا في هذه المعركة وأنهم لن يسقطوا في الفخ الذي نصبه من يريد زرع الكراهية بين الأديان.
وفيما يتعلق بكيفية تمويل عصابة داعش لنفسها ونشاطاتها الإعلامية ..أجاب العاهل الأردني “يتم توفير الأموال من خلال بعض الأفراد في منطقتنا , وشاهدنا مؤخرا قرارا للأمم المتحدة لضمان تحرك المجتمع الدولي لمنع المجموعات المتطرفة من الوصول إلى مصادر التمويل”..مشيرا إلى أن داعش نجحت إلى حد ما في الاستيلاء على مناطق في سوريا ثم في العراق , حيث تم السطو على بنوك وتمكنت في الواقع من الاستيلاء على الكثير من الأموال.
ونبه إلى أن عصابة (داعش) كانت تبيع الكثير من النفط مما جلب لهم نحو مليار دولار من العائدات السنوية , قائلا “صحيح أن هذه الصناعة تدهورت بشكل كبير بسبب ضربات التحالف الجوية إلا أن داعش تمكنت سابقا من إدارة اقتصادها