شيع اللبنانيون المطربة صباح يوم الأحد على وقع أغانيها وتصفيق المشيعين الذين تجمعوا أمام كنيسة مار جاورجيوس بوسط بيروت عملا بوصيتها بأن يعم الفرح خلال جنازتها.
وغصت الكنيسة بالناس من رسميين وفنانين وشعبيين. وحمل أصدقاء صباح نعشها الملفوف بعلم لبنان على الأكف لدى وصوله إلى وسط بيروت وتراقصوا بالنعش على وقع عزف فرقة للجيش اللبناني أغنية “تسلم يا عسكر لبنان”.
وتعالت أغنيات صباح من المكان وخصوصا تلك التي تتحدث فيها عن الوداع ومنها “مسافرة ع جناح الطير تذكروني بغيابي” كما رقص المشيعون مع النعش على وقع أغنية “رقص أم عيون السود وخلي الشحرورة الصبوحة تغني ويهب البارود”.
وامتلأت باحة الكنيسة بصور صباح وبالأكاليل والزهور التي وردت من الكثير من الشخصيات السياسية والفنية وكان أبرزها من المطربة الكبيرة فيروز التي كتبت على الأكليل “شمسك لن تغيب”.
وسار خلف نعش صباح ابنها الدكتور صباح المقيم في الولايات المتحدة في غياب ابنتها هويدا الموجودة أيضا في أمريكا والتي يقول أقاربها إنها مصابة بصدمة من جراء خبر الوفاة.
ترأس القداس الجنائزي بطريرك الموارنة الكاردينال بشارة الراعي.
وبعد القداس الجنائزي ينطلق موكب التشييع باتجاه بلدتها بدادون حيث سيوارى جثمانها الثرى في مسقط رأسها. وتقع البلدة في قضاء عاليه أحد أقضية محافظة جبل لبنان. وتبعد بدادون 15 كيلومتر عن بيروت.
وتوفيت الفنانة صباح فجر الأربعاء الماضي بعد إصابتها بوعكة صحية مفاجئة عن عمر ناهز 87 عاما بعد أن قضت ما يناهز السبعين عاما من عمرها في الفن متنقلة بين لبنان ومصر.
شارك في التشييع رئيس وزراء لبنان تمام سلام ووزراء ونواب وشخصيات سياسية كثيرة بالاضافة إلى فنانين لبنانيين وسوريين ووفد فني من مصر يضم الفنانين سمير صبري ولبلبة وإلهام شاهين وليلى علوي. كما شارك في التشييع زوجها السابق والأخير فادي لبنان.وقالت الفنانة المصرية لبلبة التي بدت متأثرة جدا وهي تسير خلف النعش باكية “أعزي الدنيا كلها بحبيبة قلبي صباح. عمر طويل بيني وبينها اشتغلت معها وأنا في السن الثامنة من عمري فيلم (يا ظالمني) ومنذ ذلك الحين بقينا على تواصل مع بعضنا البعض دائما”.
أما الصحفي اللبناني نيشان الذي كان قد أجرى أكثر من 15 مقابلة مع صباح فقال لرويترز “صباح هي ربح وفوز للفن اللبناني والعربي والعالمي هي فوز للحضارة العربية لانه إذا كان الفن هو واجهة الامم فصباح هي واجهة مهمة جدا ستعكس دائما باغنياتها وصوتها وحنجرتها المسكوبة بخيوط من ذهب.”
أضاف “سنظل نتذكرها دائما كلما غنينا الشوق والحب والفرح والحنين الى الوطن عندما نغادر لبنان سنتذكر صباح وسنقول الله يرحمها ولكن… كم نحن فخورون كلبنانيين انها سكنت كل الوجدان اللبناني والذاكرة الوجدانية العربية.”
وقال المطرب اللبناني راغب علامة “صباح هي وطن. هي من الفنانات الكبار الذين أدخلوا الاغنية اللبنانية الى العالم. بنت جسور التواصل بين العالم العربي. هي علمتنا أن نكون جسور التواصل.”
وتدخلت الاعلامية بوسي شلبي لتقول “إن صباح هي مصرية كما هي لبنانية هي هرم من أهرامنا.”
بنصف مصرية ونصف لبنانية تدرجت في الفن وظهرت موهبتها على ضفاف النيل وخبأت حياتها لها قصصا مصرية مزجت بين الفن والحب والزواج والأمومة عندما أنجبت “حبيبة أمها” هويدا من أنور منسي.
وكانت صباح شاركت في نحو 83 فيلما ما بين مصري ولبناني و27 مسرحية لبنانية وغنت حوالي 4000 أغنية.
بدايتها الفنية كانت في صغرها في لبنان واستطاعت أن تتميز بشهرتها المحلية إلى أن لفتت انتباه المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر والتي كانت تعمل في القاهرة فأوعزت إلى وكيلها في لبنان قيصر يونس لعقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحدة.
ذهبت إلى مصر برفقه والدها ووالدتها ونزلوا ضيوفا على آسيا داغر في منزلها في القاهرة وكلف الملحن رياض السنباطي بتدريبها فنيا ووضع الألحان التي ستغنيها في الفيلم وفي تلك الفترة اختفى اسم “جانيت الشحرورة” وحل مكانه اسم “صباح” في فيلم (القلب له واحد).
وكانت صباح ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم في أواخر الستينيات تغني على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية وذلك في منتصف سبعينيات القرن الماضي. كما وقفت على مسارح عالمية أخرى.
غازل صوتها ألحان محمد عبد الوهاب كما في أغنية (ع الضيعة) و(كرم الهوى) و(سنة حلوة يا جميل) و(كل ما بشوفك كل ما بتحلى) و(احبك ياني) وتدلع صوتها مع فريد الاطرش في أغاني مثل (حلوة لبنان) و(يا دلع دلع) وارتاح في جمهورية الأخوين رحباني في (سفرني معك)
و(القوي لبنان الغني لبنان) و(يا خيل بالليل اشتدي) وسافر مع الفنان اللبناني روميو لحود في (يا مسافر وقف ع الدرب وودعني ولنو بنظرة).
لكن أغانيها مع الملحن المصري بليغ حمدي نالت حظا أكبر من الشهرة مثل (يانا يانا) و(بيقولولي توبي) و(زي العسل) و(كل حب وانت طيب) و(عدى علي وسلم) كما غنت العديد من الاغنيات للملحن اللبناني فيلمون وهبي مثل (يا أمي دولبني الهوى) و(شو اسمك).
وقدمت صباح العديد من الاغنيات لملحنين مصريين آخرين أبرزهم محمد الموجي وكمال الطويل.
وصباح تزوجت الحياة بسعادة ولم يلحظ محبوها مظاهر حزن على مسيرتها. وفي أواخر أحاديث إعلامية لها كانت تستقبل الموت كلحن جديد. لكن الأغنية الوحيدة التي عكست ما في داخلها كانت (ساعات ساعات أحب عمري وأعشق الحاجات) من كلمات الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي وألحان المصري جمال سلامة من فيلم (ليلة بكى فيها القمر) عام 1980.
كانت لها مشاركة مميزة في الكثير من مهرجانات الصيف اللبنانية وخصوصا مهرجانات بعلبك. قدمت 27 مسرحية لبنانية من بينها (الشلال) عام 1963 و(موسم العز) و (دواليب الهوى) وجميعهم من أعمال الاخوين رحباني. وكانت آخر مسرحية لها هي مسرحية (كنز الاسطورة) عام 1997 مع زوجها السابق فادي لبنان.
ارتبط اسمها بسبع زيجات معلنة رسميا وهم اللبناني نجيب شماس والد ابنها الدكتور صباح شماس وقضت معه خمس سنوات وعازف الكمان المصري أنور منسي وقضت معه أربع سنوات أنجبت منه ابنتها هويدا والمذيع المصري أحمد فراج وقضت معه ثلاث سنوات والفنان المصري رشدي أباظة وقضت معه خمسة أشهر والنائب في البرلمان اللبناني يوسف حمود وقضت معه سنتين والفنان اللبناني وسيم طبارة وقضت معه أربع سنوات والفنان فادي لبنان وقضت معه 17 عاما.
في شهر رمضان عام 2011 تم عرض مسلسل عن قصة حياتها اسمه (الشحرورة) وجسدت الفنانة اللبنانية كارول سماحة دورها