بقلم : هبة فاروق
ابتسم تيستو الصغير وهو يتقدم منى، قال بصوت جميل يعرفنى بنفسه:
⦁ اسمى تيستو، أعيش فى بلدة فرنسية، وأنا من أسرة عريقة..
اقترب منى وقال وقد أتسعت إبتسامته: ولى إصبع أخضر.
ترك تيستو يدى، تنقل بخفة فى بيتى الصغير يضع إبهامه على كل بقعة من الحائط، الآثاث، الأبواب..
ثم رحل؛ وإذا بكل شبر لمسه بإصبعه تتفتح منه زهوراً ونباتات غاية فى الروعة، صار بيتى حديقة رائعة.
و… لا شئ، كل الأشياء كما هى؛ لا زرع ولا نباتات ولا زهور هنا.. كان مجرد حلم.
أستقر تيستو الصغير- بعدما زار حلمى- داخل الرواية الرائعة والوحيدة التى ألفها الكاتب موريس دريون للأطفال، تلك الرواية التى تخاطب عقل الطفل الواعى لما حوله، فهو ليس فرد لا قيمة له، أو كائن آبله فى الكون، بل هو قادر على إستيعاب الموضوعات التى ناقشها الكاتب: كالحرب والموت والفقر بلغة سلسة رغم ضخامتها..
هذه القضايا التى يلاحظها الطفل ولكنه لا يقرأ عنها وإن ناقشها مع أحد من الكبار لا يعيروه إهتماماً؛ لأنه فى نظرهم ما زال صغيراً على مناقشة تلك القضايا المزعجة..
نقل الكاتب تلك القضايا وناقشها بأسلوب جذاب للكبار قبل الصغار، يقنع عقل الأطفال وفى نفس الوقت يخاطب ضمائر الكبار.
رحل تيستو من حلمى، ولكنه جعلنى أكتشف أن لى إصبعاً أخضر كإصبعه الذى تولد من تحته النباتات، إصبع يغير الشرور بنشر الخير الأخضر المتمثل فى الزروع والزهور، فيحيل القبح إلى جمال.
لكن إبهامى الأخضر لا ينبت أشجاراً، إنما يثمر قصصاً وروايات..
لكل منا إبهامه الأخضر، لكنه لا يدرى به..
فإبهام البعض يكتب دروساً على سبورة، وإبهام يرسم لوحاتٍ، وإبهام يحقن دواءً، وإبهام يحيك ثياباً، وإبهام يأمر بالخير، وإبهام ينهى عن شر،وإبهام..وإبهام.
لكل منا إبهام يصنع به الجمال، ويمحو به القبح، فليبدأ كل منا فى إكتشاف إبهامه الأخضر، فالأرض تستحق الكثير والكثير من اللون الأخضر.
وأنت تستحق أن تلمس نقاط التفوق فى ذاتك، فأنت متميز بإصبع ما لونه أخضر، كتيستو الصغير الذى يغير الشر حوله بحلول بسيطة موجودة أو ممكنة ولكن الكبار يتناسونها لأنهم يعيشون داخل قوالب من الأفكار الجاهزة!