قصة :رانيا ثروت
كانت اقصي طموحاتها ،ان تصعد كل يوم بعد العصر الي سطح المنزل ،مصطحبة معها صديقها الوفي …الكرسي الخشبي الصغير ،لتجلس عليه تشاهد المارة وهي تحتسي كوب الشاي بالنعناع …و تظل جالسة هكذا حتي العشاء ،ثم تنزل لبيتها لتحتمي في جدرانه الباردة من وحشة الايام التي تركتها بلا زوج او ابناء .
البيت ذو الحجرة الواحدة ….اثاثها هو سرير معدني و منضدة عليها مفرش اصفرت خصلاته ،و تلفاز ابيض واسود يقبع في كوة في الحائط… يحدق فيها كل يوم مساءا دون ملل بمنتهي الوقاحة ، يريها الدنيا التي لم ولن تحصل عليها ابدا
لم تمتلك من حطام الدنيا الا حلق وخاتم ذهبي …واخ وحيد متزوج وله ابناء
يأتي ليزورها كل شهر ….ليستعطفها ويقاسمها معاش اباهم …ويرحل
تاركا لها الوحدة والخواء .
الي ان جاء يوم لم تصعد الي السطح …وتمارس ترفيهها المعتاد
ومر يوم …..و يوم اخر ….ويوم يليه …
وعندما تساءل الجيران عنها واخذوا يطرقون باب الوحدة ،ما اجابهم الا الصمت والبرودة ….ورائحة العفن
وبعد الهرج والمرج والصياح والبكاء ….اتت الشرطة لتكتشف ان اخاها لم يكتف ان يأخذ منها ما يقدر عليه من معاش الوالد ….فأخذ روحها والحلق والخاتم الذهبي ….و ترك انعكاس صورتها وهي ملقاة علي السرير المعدني متشبثة بالمفرش القديم …..علي شاشة التلفاز …
التي لن تضاء بعد ذلك ابدا..
رانيا ثروت