قال الدكتور احمد جلال وزير المالية ان الضرائب هي احد ادوات السياسة المالية التى تؤثر بشكل جاد وحقيقي وفعال فيما يحدث فى الاقتصاد ومن اجل ذلك اختارت الحكومة الحالية بوعى عدم زيادة الضرائب فى الوقت الراهن ذلك لأنها قررت المضى فى سياسة اقتصادية توسعية لا انكماشية، وبالتالى واتساقا مع ذلك كان لا يجب زيادة الضرائب.
وأضاف الدكتور جلال خلال لقاء فى الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار المجتمعى حول الضرائب الذى نظمته جمعية الضرائب المصرية مساء الأحد ان الاقتصاد يتعافى حاليا لكنه لم يصبح عفيا بعد وحين ينشط ستكون هناك حاجة الى توجه ضريبي مختلف لتدبير موارد تسهم فى سد عجز الموازنة الذي يفيد بدوره المستثمرين والمواطنين عموماً.
أكد الدكتور جلال ان حصيلة الضرائب فى مصر كنسبة من الناتج المحلى منخفضة مقارنة بالدول المثيلة وبالتالى فان الشكوى من أعباء الضرائب ليست فى محلها، وأضاف نحن نريد ضرائب عادلة وشفافة مع اجراءات لا ظلم فيها ولا تعسف وندعو الممولين هم الاخرين الى ان يسددوا ما عليهم كما ندعو ايضاً المستشارين الماليين والخبراء والمحاسبيين الى أن يلعبوا دورهم مع المالية والممولين فى ضمان سلامة وتوازن المنظومة الضريبية فى البلاد.
وكشف الدكتور احمد جلال استعداد الوزارة للنظر فى الشأن الخاص بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب واتخاذ ما يلزم فى ضوء ما تقتضيه المصلحة العامة، واكد الوزير فى الحوار الذي اداره الدكتور احمد شوقى رئيس الجمعية احتياج الجهاز الإدارى فى الدولة الى اصلاحات عميقة فى كل موقع مشيراً الى أن ذلك سيأخذ وقتا طويلاً لكنه ضرورى للغاية كما اكد ايضاً على اهمية اعادة هيكلة الأجور فى الجهاز الحكومي وقال لا بد من اعادة نظر كلية فى وضع الاجور الراهن حيث من غير المنطقى ان يكون الاجر الأساسى 20% من قيمة ما يحصل عليه الموظف، و 80% للاجور المتغيرة ولابد ايضا من ربط اصلاح الاجور بالتأمينات والمعاشات لضمان معاشات كريمة بعد التقاعد، وعدم حدوث انخفاض شديد فى الدخل بعد المعاش كما يحدث الان.
وأعلن الوزير خلال الحوار الترحيب بأن تكون لجان فض المنازعات الضريبية لا مركزية وعودة لجان الطعن على الضريبة العقارية الى المحافظات ليكون دور اللجنة المركزية للطعون بالمصلحة هو دعم عمل مثل تلك اللجان الاقليمية ،وحول سؤال عن عدم ملائمة الوقت الراهن لفرض ضريبة القيمة المضافة والاثار السلبية لها رد الوزير بسؤال: ” هل هناك يا ترى وقت مناسب على الإطلاق لفرض ضريبة ؟!” ، ثم قال: معلوم أن الضريبة فى اى وقت غير مرحب بها ولا يوجد وقت مناسب بنسبة 100% لاى قرار ضريبي او غير ضريبي ولكن من الواجب النظر الى السياق العام الذي يتم فيه التحول الى ضريبة القيمة المضافة فقد قلنا أننا رفضنا زيادة الضرائب لان ذلك يتناقض مع النهج التوسعى الذي اتخذته الحكومة لكن ذلك لا يعني ان الحكومة ليست فى حاجة الى موارد، وأحد الوسائل لذلك هو التحول الى ضريبة القمية المضافة والميزة هنا أننا لا نستحدث ضريبة فهي قريبة جدا من ضريبة المبيعات الحالية ولها سمات أفضل مثل خصم المدخلات من الممول بحيث يسدد فقط عن القيمة المضافة التى تمت فى مرحلته واما القول بانها ستزيد العبء على الممولين وستزيد الاسعار فهذا مردود عليه بأن ذلك يتوقف على سعر الضريبة الذي سنقرره.
واضاف الوزير هناك دول تفرض 14 و 18 و 22 % ونحن لن نفعل ذلك، وحين يكون سعر الضريبة متوازنا فلن يؤثر ذلك على الاسعار فى الاسواق وسيكون اثر الموارد الناجمة عنها حياديا من هذه الزاوية.
واختتم بالقول أن ضريبة القيمة المضافة ضريبة مهمة جدا ً فى دول كثيرة متقدمة ونامية لانها تمزج بين العدالة وتحقيق ايرادات جيدة فى وقت واحد وحين نتحدث عن العدالة الاجتماعية ولا نقبل ضريبة من هذا النوع فنحن نكون غير متسقين مع انفسنا، فالعدالة تلزمها موارد ونحن نحاول فى الاجل القصير البحث عن موارد من خلال تحصيل المتأخرات وتسهيل عمليات التصالح وفض المنازعات لكن فى الأجل المتوسط لابد من موارد للحكومات المقبلة تستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية و التوازن المالى، واختتم الوزير الاجابة بالقول أنه من الناحية الاخلاقية ومن ناحية العدالة وحتى من ناحية المصلحة الخاصة فالضريبة مهمة حيث يلزم كل مستثمر- او مواطن – العيش فى مجتمع فيه حد اعلى من الأمان، ولابد اذن من وجود موارد تسمح بالارتقاء بحياة الفقراء والمهمشين لزيادة الامان الاجتماعى.
واكد الدكتور جلال اننا نحاول بأسرع ما يمكن عمل قانون جيد للقيمة المضافة ونتعاون فنيا مع صندوق النقد الدولى فى هذا المجال وسنعرض المشروع على المجتمع لمناقشته.
وحول اسئلة اخرى عن كيفية جذب استثمارات فى وجود عدد كبير من الضرائب فى مصر، جدد الوزير التأكيد على ان الموارد الضريبية فى مصر كنسبة من الناتج المحلى اقل من الدول المثيلة التى نتنافس معها فى جذب رأس المال.
واضاف ان المستثمر لا يذهب لدولة من الدول بناء على عامل الضرائب فقط فالضرائب ليست أهم عنصر لجذب المستثمرين وهناك عوامل اخرى اهم مثل الاستقرار السياسي وثبات التوجهات ومصداقية السياسات ووجود محاسبة سياسية وتشاور حول القرارات وسهولة الدخول والخروج من الاسواق وطبيعة سوق العمل وتوافر المهارات ومناخ الاستثمار بشكل عام من ناحية يسر الاجراءات و مستوى البنية التحتية وتوافر الطاقة وغير ذلك من العوامل .
اكد الوزير اهمية العمل على مكافحة الفساد بنوعيه اي ذلك الناتج عن فساد السياسة والفساد الادارى وقال أن مصر تمضى على طريق سيعزز من عملية المساءلة والشفافية وتوازن السلطات والتداول السلمى للسلطة وكل ذلك يحد كثيرا جدا من الفساد الناتج عن خلل السياسة والمحاباة التى تنتج عنه، اما الفساد الادارى فمكافحته تستلزم عمل اصلاح عميق كما قلت فى المؤسسات العامة وذلك يحتاج الى وقت طويل لكن المهم أن نبدأ.
ودعا الوزير فى النهاية الى ان يتخلى كل منا عن مصلحته الخاصة فى الوقت الراهن فمسئوليتنا الوطنية، تقتضي مساعدة بلدنا فى هذا الوقت الصعب ولن ينقذها الا نحن معاً