كتب : د. محمد دوير
في سجن الواحات كان ناصر يعتقل الشيوعيين وغيرهم من القوي السياسية،وكان حكمدار السجن يستدعي اسرته كاملة خاصة في أجازات الصيف حتي يوفر علي نفسه عناء السفر الاسبوعي أو الشهري، وحدث أن طفلي حكمدار السجن – كان برتبة لواء علي ما اعتقد – أكلا وجبة مسممة بفعل ظروف الجو، لم يجد حكمدار السجن من منقذ لأطفاله في تلك الصحراء التي لا يوجد بها غير مساجين، فاستنجد بأي منهم لعله يستطيع ان ينقذ أطفاله، كان في فجر أحد الليالي الصيفية، وطرق باب احد الزنازين، فاعتقد من بداخلها أنها نوبة تعذيب أو تكدير ، ولكنهم فوجئوا بأحد الضباط يستدعيهم علي الفور لثكنة حكمدار السجن ، كان المستدعي حمزة البسيوني وصلاح حافظ الطالبان في كلية الطب آنذاك، فذهبا علي الفور وقدما الإسعافات الأولية للطفلين، وطالبا بنقلهما علي وجه السرعة وفي طيارة إلي القاهرة حتي يمكن إنقاذ حياتهما، وبالفعل تم تجهيز الطائرة واستقلها الطفلان ومعهما المعتقلان حمزة وصلاح ، ووصلا القاهرة وتم إجراء اللازم للطفلين ، ثم عادا مرة أخري الي زنزانتهما كمساجين .. يحكي لي د. حمزة بأن موقف حكمدار السجن تغير منهما ومن باقي المساجين 180 درجة فصار أكثر إنسانية وأكثر رحمة بهم.
لماذا فعلت هذا يا دكتور مع خصمك وسجانك ؟؟ قال لي إنها الإنسانية، إنها قدسية مهنة الطب..
تذكرت هذا الحوار وأنا أتابع ما يحدث للمعتقلين المرضي الآن في السجون .. فعندما يمارس السجان معك سادية غير مبررة ويترك مرضك ينهش في لحمك وعضمك بدون أي وازع من ضمير أو دين أو قيم، فانه لا يعرض حياتك للخطر فقط بل وينزع عن نفسه كل معني للإنسانية، تلك الإنسانية التي حدثني عنها حمزة البسيوني الشيوعي