مجموعةُ حكاياتٌ مِنْ وادي الرافدين
العراق : لَطيف عَبد سالم العگيلي
فِي أمسيةٍ ثقافية تولى أدارتها الشاعر عدنان الفضلي،
احتفى ملتقى رضا علوان الثقافي بمجموعةِ الشاعر والقاص حسين سليم القصصية الموسومة (حكاياتٌ مِنْ وادي الرافدين).
وبعد الترحيب
بضيفِ الملتقى وجمهور الحاضرين،
أشار الفضلي فِي بدايةِ الجلسة إلى ما تضمنته المجموعة المذكورة آنفاً مِنْ نصوصٍ تجمع مَا بَيْنَ القصة والشعر،
بالإضافةِ إلى مَا تحمله مِنْ همومٍ حقيقية؛
إذ أَنَّ أغلبَ حكاياتها مستوحاة مِنْ معاناةِ أناسٍ تعرضوا للمظلوميةِ عَلَى يدِ طاغيةٍ أهوج،
فكان أنْ أصبحوا شهوداً عَلَى تصرفاتِه وَنزواته.
وحين بدأ سليم فِي الحديثِ عَن منجزه الأدبي،
أوضح للحاضرين اعتماده فِي البناءِ القصصي لمجموعتِه حكايات مِنْ وادي الرافدين الحرص فِي محاولةِ إشراك القارئ مع القاص فِي مهمةِ بناء النص؛
سعياً فِي الهروبِ مِنْ أساليبِ البناء القصصي الَّتِي تقوم عَلَى تقديمِ النص جاهزاً إلى المتلقي،
ما يعني تمسكه بالتشظي فِي طريقة البناء؛
لأجلِ إلزامِ القارئ بالمشاركةِ فِي تركيبِ مساراتِ القصة،
منوهاً فِي الوقتِ ذاته إلى تقيده بهَذَا النهج فِي القادمِ مِنْ نتاجاتِه الأدبية.
تجربةُ حسين سليم الأدبية الَّتِي تقوم عَلَى التزاوجِ فِي المضمونِ مَا بَيْنَ الشعر والقص،
فالنص بالاستنادِ إلى رؤيته،
وَالَّذِي يأخذ شكله النهائي أثناء الكتابة هو مزيج مِنْ كليهما،
وَرُبَّما يكون النص ينتمي لما يسمى فِي الأدبِ باسْمِ النثر الحكائي،
وَالَّذِي يمكن تصنيفه مِن بَيْن المناطقِ المحفوفة بالمخاطر؛
لأنَّ المتلقيَ أو الناقد يجد حرجاً، وَيشعر بالحيرةِ عند محاولةِ تصنيفها.
مجموعةُ حكاياتٌ مِنْ وادي الرافدين: ضيف أمسية الملتقى
ولعلَّ مِنْ أبرزِ مَا تحدث به ضيف أمسية الملتقى هو المحاور المتعلقة بمواضيعِ الدولة،
المثقف وَالسجن؛
إذ أَنَّ المجموعةَ استحضرت – مِنْ خلالِ بناءِ مضامين مجرياتها – تاريخ العراق القديم فِي محاولةِ توثيق هموم الشعب وآلامه المتأتية مِنْ قساوةِ الظروف الَّتِي عاشتها البلاد بفعلِ الحروب العبثية ودكتاتورية النظام،
بالإضافة إلى إفرازاتِ الحصار الجائر عَلَى عمومِ المشهدِ الثقافي،
وَالمتمثل فِي صعوبةِ التواصل المعرفي، ومحدوديةِ المعروض مِنْ النتاجاتِ الأدبية والثقافية المحلية وَالأجنبية.
ضمن هَذَا المنحى يشير حسين سليم إلى بعضِ معالم تجربته فِي العمل السياسي،
وظروفها المريرة، الَّتِي ترتب عَلَيها إلزامه بعدمِ الاحتكاك مَعَ الوسط الادبي بشكلٍ عميق.
وَيعود سبب ذلك بحسبِه إلى أَنَّ العراق طوال تاريخه القديم أو الحديث، لَم يعش مفهوم الدولة المتعارف عليها بسلطاتِها الثلاث،
وَإنْ حدث فِي بعضِ المراحل فأَنَّه لا يخرج عَنْ دائرةِ التطبيقات المشوهة؛ إذ طالماً اختزلت مؤسسات السلطة التنفيذية تدريجياً بشخصٍ واحد، فضلاً عَنْ تصادمِ الدولة بشكلٍ رئيس مع المثقف الَّذِي يمتهن النتاج الادبي والمعرفي، وَالمثقف المؤمن باحترامِ الرأي الآخر المتميز بالحكمةِ وسداد الفكرة ووجهات النظر المعنية بتغليبِ المصالح العامة عَلَى المنافعِ الشخصية، فالسجن مصيراً لكليهما. وَلعلّ مِن المناسبِ الإشارة إلى أَنَّ السجنَ مِنْ وجهةِ نظر حسين سليم، لا يقتصر عَلَى الجدرانِ والقضبان والاعتقال وعقوبة الإعدام، إنما يتعدى ذلك إلى أيِّ فعاليةٍ تفضي لِمصادرةِ حرية الإنسان فِي عمله أو مجريات حياته، إلى بشاعةِ كل مَنْ يتحكم فِي حياةِ الاخرين بشكلٍ فردي. مِنْ جملة حديثِ صاحب المجموعة المذكورة آنفاً، والصادرة فِي بغداد عام ٢٠٠٧م هو تأكيده عَلَى أنَّ مساحاتَ اشتغال المثقف – غير المرتبط بأيديولوجيةٍ معينة – أوسع ببعدها الإنساني، بوصفِها مجال عمل أكبر مِن الحلقاتِ والفرضيات الصغيرة الَّتِي يتمحور اشتغال السياسي حولها، إلى جانبِ خطورةِ انكفاء الإنسان وتغليبه الطائفة او العشيرة فِي الوقتِ الحاضر عَلَى الرابطةِ الأكبر المتمثلة فِي الوطن والمواطنة. لا مغالاةً فِي القولِ إنَّ المحاورَ المذكورة آنفاً، كانت الرافد الرئيس لصياغةِ نصوص حكاياتٌ مِنْ وادي الرافدين وَالَّتِي جاء نصفها الأول عَلَى شكلِ قصص، فِيما احتل الشعر نصفها الآخر؛ لأجلِ تغطية جانب مِنْ هَذَا العنوان الَّذِي يتناول قصص السجناء، وَمعاناة شعبنا بإطارٍ تاريخي.
حسين علي سليم الموسوي
المعروف في الكتابة باسْمِ حسين سليم، صحفي وكاتب مستقل، ولد فِي بغداد عام 1962م، حصل عَلَى شهادةِ البكالوريوس فِي علم البايلوجي – قسم المايكرو بايولوجي مِنْ جامعةِ بغداد عام 1985م،
ثم نال شهادة الماجستير فِي اختصاصِ الصِحة العامة مِنْ إحدى الجامعات الأميركية عام 2013م، مَعَ العرض أَنَّه سجين سياسي، حكم عَليه بالسجنِ المؤبد عام 1989م،
واطلق سراحه أواخر عام 1992م بعد إملاء شروط الحلفاء والأمم المتحدة فِي تطبيقِ حقوق الانسان واطلاق السجناء عَلَى خلفيةِ حرب الخليج الثانية،
ثم ما لبث أنْ اضطر لمغادرةِ البلاد إلى الأردن عام 1995م مكث فيها سنة واحدة مارس خلالها الكتابة فِي الصحافةِ الديمقراطية واليسارية باسمٍ مستعار،
واستمر فِي الكتابة بالطريقِ ذاتها عند انتقاله إلى سوريا وبقائه فيها لمدةِ ثلاثةِ أعوام، بالإضافةِ إلى عمله فِي الجمعية العراقية لحقوق الإنسان – فرع سورية قبل أنْ يحصل عَلَى اللجوء فِي أمريكا أواخر عام 1999م عَنْ طريق الأمم المتحدة.
وقد عاد إلى العراق عام 2011م.
تضمنت الأمسية قراءة ضيف الملتقى بعض حكايات مجموعته،
فضلاً عَنْ قراءةِ قصيدة صاحبي المستشار،
وَالَّتِي تشكل أحد أعمدة مجموعته الجديدة الموسومة ( الواحٌ مِنْ عالمٍ سفلي).
أما مسكُ الختام، فقد كان تسليم رئيس الملتقى الشاعر مهدي الحيدري شهادة تقدير إلى ضيفِ الأمسية تثميناً لمنجزِه الثقافي.