شعر : عبد المنعم كامل
أرأيتِ لو أني إلى واديكِ في فجرٍ عبرتُ ..
فأدخلتْني واحةُ الكافور في أسرارِهَا
فلمستُ وجهَكِ في مصبِّ الأرجُوَانِ ..
وقد بدتْ خلفَ الغمامِ الشمسُ ..
لو أني – وقد هِمْتُ – انخلعتُ من المدينةِ ..
من ميادينَ استدارتْ في كآبتِهَا
فصارت مَحْضَ طِلَّسْمٍ من الدمِ ..
لو نجوتُ ..
فبتُّ بين التوتِ والكافورِ ..
أشهدُ كيف تغفرُ نجمةٌ أوزارَ قُبَّرَةٍ ..
تَعَرَّتْ كي تُجَرِّدَ حزنَهَا
في مَرْكَضِ الصيَّادِ ..
حيث أرَقْتُ في جسرين ماءَ صبايَ ..
أوراداً لدى فجرٍ قديمْ
أرأيتِ لو أني لَحِقْتُ بما يُخَبِّئُهُ وراءَكِ ..
سوسنُ الرؤيا ..
وقفتُ على أصولِ النيلِ ..
فاضَ الأزرقُ الأبهى ..
وحطتْ أمةٌ في النهرِ ..
آيةُ مُلكِهَا
أن يستعيدَ النهرُ موجتَهُ الصبيَّة َ..
يستعيدَ صِبايَ محتفلا بخمرةِ عشقِهِ
بفضاءِ ريمٍ حولَ أورادي يُطَهِّرُ ظِلَّهُ
لتذوبَ ساريةٌ على شجر التخومْ
*****
أرأيتِ لو أني نثرتُكِ في دمي
ومضيتُ لا ألوي على شيءٍ ..
أسافرُ حيث يمكن أن أخَلِّصَ ..
من عَجَاجٍ ألفَ قبرةٍ ..
خذلتُ عراءَهُنَّ ..
رميتُ جرحا قاتلا
من وَهْوَهَاتِ البندقيةِ ..
وانتشيت وقد أرَقْتُ دِماءَهُنَّ ..
صعدتُ فوقَ التَّلِّ أرقصُ ..
ثُمَّ أهذي ..
ثم أبْتَدِرُ الغروبَ بصرخةٍ
وأقولُ : غاضَ الماءُ ..
وانفتحت ينابيعُ الحميمْ
*****
أرأيتِ
لو كنتُ احتفظتُ بنصفِ أورادي ..
أكانَ التوتُ والكافورُ يحتفلانِ ؟ ..
هل كانت ستغفرُ نجمةٌ أوزارَ قُبَّرَةٍ ؟ ..
وهل في أي وقتٍ ..
كان يمكن أن يُطَهِّرَ ظِلَّهُ ريمٌ ..
فتغتسلَ التلالُ بفيضِ ساريةٍ ..
وتنفتحَ القصيدةُ للهموم ؟
أرأيتِ ماذا كان يمكنُ أن يكونْ
لو أنَّ قلبي غادرَ المنفى ..
فأدركت اللغاتُ بوارَهَا
أو أنني لم أحترفْ رميَ السهامِ ..
لأجلبَ الجمراتِ من كبِدِ السديمْ ؟