كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله؟ وما أقسام الولاية؟ يسعى عدد كبير من الأشخاص لكي يكونوا من أولياء الله الصالحين، وذلك من خلال التقرب لله عز وجل والمداومة على طاعته قدر الإمكان، ولكي يصل الإنسان إلى تلك المرتبة يحتاج إلى التحلي بالعديد من الصفات التي يتحلى بها أولياء الله الصالحين، وهذا ما سوف نعرفه من خلال الواقع العربي.
كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله؟
يتم إطلاق صفة الولي على كل إنسان صالح يتقرب إلى الله عز وجل بفعل الأمور الحسنة والمداومة على العبادات والسلوكيات التي حث عليها الله، والرسول صلى الله عليه وسلم، وتعرف كلمة ولي اصطلاحًا على أنها العالِم بالله والمواظب على طاعته والمخلص في عبادته.
يمكن الاستدلال على أمن الطاعات هي العامل الرئيسي الذي يساهم في كون الإنسان من أولياء الله الصالحين مما ورد في الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه)، وتكمُن الإجابة على سؤال كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله في ظهور العلامات التالية:
- أن يجد الشخص أنه يظهر عليه كافة علامات الصلاح والخير، حيث إن رؤيتهم تُذكر الإنسان بالله تعالى، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (خيارُ عبادِ اللهِ الَّذينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ).
- المداومة على الذهاب إلى المسجد وتعلق القلب به.
- ترك ملاذ الحياة جميعها.
- العمل على إعمار بيوت الله عز وجل.
- التعلق بحفظ وتلاوة القرآن الكريم طوال الوقت تعتبر من أبرز علامات الولاية لله عز وجل، ويكن الاستدلال من ذلك لِما رواه علي بن أبي طالب عن الرسول عليه الصّلاة والسّلام، حيث قال: (أهلُ القرآنِ، أهلُ اللهِ وخاصَّتُه).
- التواضع بين الناس والابتعاد تمامًا عن الكِبر.
- من أبرز علامات الولاية لله عز وجل هي حُسن الخاتمة، مثل نطق الشهادتين، والموت يوم أو ليلة الجمعة، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلَّا وقاهُ اللَّهُ فِتنةَ القبرِ).
اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في عمان
صفات أولياء الله الصالحين
بعد أن تمكنا من التعرف على إجابة سؤال كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله، يجدر بنا ذكر أن هناك العديد من الصفات التي يتحلى بها أولياء الله الصالحين الذين يرغبون في التقرب لله عز وجل، ومن أبرز تلك الصفات ما يلي:
- الزُهد في الحياة: إن أولياء الله الصالحين لا يفعلون أي شيء إلا ابتغاء رضا الله، وتلك المنزلة التي يصلون لها قد لا يستطيع الكثيرون الوصول لها، حيث إن حب المال والحياة غاية الإنسان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ).
- الفقه في الدين: يسعى أولياء الله الصالحين دائمًا نحو الإحاطة بجميع قواعد الدين، وفهم الأشياء صحيحة من أجل التقرب لله عز وجل أكثر، وذلك وفقًا لِما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ).
- الإكثار من النوافل: إن أولياء الله الصالحين هم أكثر الأشخاص الذين يحرصون على فعل الطاعات والعبادات، وبالتالي لا يمكنهم التغافل عن فعل النوافل، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).
- التحلي بالأخلاق الحميدة: إن الأخلاق الحميدة الحسنة واحدة من أكثر الأشياء التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتتمثل في سلامة النية، الإخلاص في العمل، تحري الصدق، المداومة على العبادات، معرفة قيمة الوقت، والتحلي بالعدل والحكمة.
- تقوى الله تعالى: إن التقوى واحدة من أبرز الصفات التي يتحلى بها أولياء الله الصالحين، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وقوله تعالى: (وتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
- الامتثال لشرع الله: الأحكام الشرعية الواردة في القرآن الكريم، أو المنقولة من السُنة النبوية المطهرة، فقال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- ذاقوا طعم الإيمان: واحدة من الصفات التي لا يبلغها كثيرون، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان.. وأن يُحبّ المرء لا يُحبّه إلا لله) من حديثٍ أخرجه البخاري.
- عدم الغلو في العبادة: إن الله عز وجل يحب التوسط في كل شيء، فمن الخطأ التغافل عن السبب الرئيسي الذي خلق الله الإنسان من أجله وهو تعمير الكون، ويمكن السير على السُنة النبوية المطهرة للحد من المغالاة في العبادات، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).
- طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: لا شك أن السير على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم والتحلي بصفاته والاقتداء به واحدة من أبرز الصفات التي يجب عدم التغافل عنها، حيث إنها من صفات أولياء الله الصالحين الذين يتبعون كل ما أمر به الله تعالى وورد في الأحاديث النبوية المطهرة.
اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في سوريا
أقسام الولاية
على غرار التعرف على إجابة سؤال كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله، يجب العلم أن الولاية في الإسلام لها العديد من الأقسام المختلفة، ولكن قبل التطرق لذلك يجب العلم أن مصطلح الولي في الإسلام قيل عنه:
“إنه هو القريب، فقلب المؤمن الولي لله تعالى يحيا بالله، ينشغل بطاعة الله، إن سمع شيئاً سمع آيات الله، وإن نطق نطقَ بالثناء على الله وحَمْدِهِ وشُكْرِه، إن تحرَّكَ تحرّكَ في الدعوة إلى الله، وفي خدمة المسلمين، ورعاية الناس والإحسان إليهم”، وسوف نتعرف على كافة أقسام الولاية بشيء من التفصيل فيما يلي:
أولًا: الولاية العامة
أولى أنواع الولاية هي الولاية من الله عز وجل للعبد، وذلك وفقًا لقوله تعالى: “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ” البقرة من الآية:257، والمقصود منها الولاية لجميع العباد بالتدبير والتصريف، ومن الجدير بالذكر أن تلك الولاية لا تشمل المسلمين فقط، بل إنها تشمل جميع خلق الله سواء كانوا مؤمنين أو كفار.
يمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) الأنعام:62.
ثانيًا: الولاية الخاصة
النوع الثاني من ولاية الله لعبده هي الولاية الخاصة، وهي عناية الله عز وجل وتوفيقه وهدايته لخلقه، بالإضافة إلى تيسير الطريق الصواب، وتسخير جنود في الأرض للمساعدة في ذلك.
لكن هذا النوع من الولاية اختص به المؤمنين الذي يكنون على درجة كبيرة من الإيمان، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: “وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ” سورة المائدة:56
فضائل أولياء الله الصالحين
في سياق التعرف على إجابة سؤال كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله، يجب العلم أن أولياء الله الصالحين من أكثر الأشخاص القريبين لله عز وجل، كما أن لهم العديد من الفضائل والكرامات، وسوف نتعرف على أبرزها كما يلي:
- تساهم في إصلاح الناس وإرشادهم للطريق الصواب، رغبةً في نيل المكانة التي تمكنوا من نيلها، فقال ابن القيم الجوزية: “مجالسة الصالحين تحولك من ستة إلى ستة: من الشك إلى اليقين.. من الرياء إلى الإخلاص.. من الغفلة إلى الذكر.. من الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة.. من الكبر إلى التواضع.. من سوء النية إلى النصيحة”.
- كما أنهم لهم بشرى في الحياة الدنيا،
- تعليم الناس التواضع والابتعاد عن الكِبر والتعالي والتفاخر، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الشافعي “أحب الصالحين ولست منهم، لعلي أن أنال بهم شفاعة، وأكره من تجارته المعاصي، ولو كنا سواء في البضاعة”.
- قريبين جدًا لله عز وجل، وبالتالي فإن التقرب إلى الله من خلالهم من الأشياء التي تضمن للعبد استجابة للدعاء بإذن الله تعالى.
- هم أقرب الناس لنيل الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن الاستدلال من ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحال، ذو حظ من الصلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان غامضا في الناس، لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا، فصبر على ذلك” ثم نقر بيده، فقال “عجلت منيته، قلت بواكيه، قل تراثه”.
إن أولياء الله الصالحين من أكثر الأشخاص الذين استطاعوا التقرب لله عز وجل بفعل الطاعات والعبادات والمداومة على تجنب المعاصي، والتحلي بقدر حتى لو صغير من صفاتهم يدفع الإنسان نحو دخول الجنة.