أجلت غيضي ، وربيت شجني مثل أرنب صغير، صار شجني حزنا عميقا ، وصار غيضي غصنا طويلا له ظل عارم ، يغطي فناء بيتي ، صارت أشجاني وقهري مثل ريح خجولة ، لكنها غاضبة ،تريد أن تدور, مثل امرأة تبحث عن حب مفقود, أجلت شجني صغيرا وكتمته كبيرا مثل غيض , مثل حلم، كتمته ومزجت معه بهجة مثل قصة أخذتها من رصيف مجهول، في وقت قريب ، كانت فيه شوارع حارتنا هادئة وقليلة النور .كنت أمشي على رصيف الشارع الصغير، ذاهبا إلى المخبز القريب، ثم إلى بقال جواره يبيع سجائري ، وجدت على الرصيف المظلم بهجة صغيرة ضالة ،كانت مثل قطة هائمة أو مثل فكرة قصة ضائعة ، التقطتها فأصابتني بنشوة عالية ،جعلتني أتحدث مع نفسي مثل فاقد . سألت صديقي الخباز عن أحواله ، قال سأبيع المخبز لهذا الأفغاني الذي أمامك ، وأغادر إلى وطني ، كان علي خالد ، يمسح عرق جبينه بفوطته الحمراء القديمة، وكان يحكي لي عن أولاده ، الذين يعيثون بؤسا وخرابا في شوارع وطنه ، وأنه يريد أن يلمهم في قبر واحد . قلت له ونحن أيضا نعيث في شوارعنا ، نحن جميعا نعيث حزنا وخرابا وغيضا وبؤسا،نعاني الوقت المهدر، ونعاني بهجات مسروقة أو محرمة , في شوارع أهدرت أحلامنا , ودعت علي وأخذت الخبز، ثم ملت على البقال ،أخذت سجائر لليوم والغد وما بعد الغد ، فربما تمنعني بهجتي الصغيرة من الخروج في الأيام القادمة، قال لي عامل البقال الباكستاني أجمل الزمان، هل تريد شيئا من البطحاء ، قلت مثل ماذا يا أجمل، قال أي شيء , ثم غمز لي غمزه خفيفة ، كانت مثل بهجتي الضالة أو المسروقة ، قلت شكرا يا أجمل الزمان، ودعته ومشيت إلى بيتي، وصلت سالما معافى، ومصحوبا بتلك البهجة الصغيرة التي وجدتها في طريقي على الرصيف المظلم، كانت مثل قطة هائمة أو مثل فكرة قصة ضائعة .