شجرة العوالم التسعة التي توصلت إليها عدة مخطوطات منقولة عن تفاصيل علم الكونيات الإسكندنافي، فشملت المخطوطات والتراث النثري وغيره معتقدات الفايكينج ونهاية شجرة العوالم التسعة خلال أحداث راجناروك، ويقدم الواقع العربي كل ما هو حول العوالم التسعة.
شجرة العوالم التسعة
هي شجرة عملاقة تربط العوالم التسعة في علم الكونيات يُطلق عليها إغدراسيل وتتهجى Yggdrasil؛ يجتمع عندها الآلهة يوميًا للنقاش في أمورهم الخاصة.. تم ذكرها في قصائد إيدا الشعرية والنثرية التي تم جمعها من تراث جُمع في القرن الثالث عشر بقلم سنوري سترلسون.
شجرة العوالم التسعة هي شجرة دردار مقدسة وعملاقة تقع في مركز الكون، تمتد فروعها إلى ما هو أبعد من السماء، أما لها ثلاث جذور مُمتدة إلى نهايات مُختلفة.. واحد إلى بئر أورداربرون في السماء.
أما الجذرين الآخرين فواحد منهم إلى ينبوع هفيرغيلمير والآخر إلى بئر ميميسبرون.. اتفقت كل المخطوطات التي تم العثور عليها أن مصير شجرة العوالم إغدراسيل مُتعلق بأحداث راجناروك.
توجد نظريات حول إطلاق اسم إغدراسيل ففي إحدى اللغات القديمة تُشير إلى حصان أودين، فتنقسم إلى عدة أجزاء واحد منهم يعني حصان والآخر Yggr وهو واحد من أسماء أودين.
إذ ترجع إلى شنق أودين نفسه على إحدى فروعها فيرجع اسمها إلى حصان المشنوق.. لكن الآراء في ذلك مازالت مُختلفة، حيث شرح إحدى المستكشفين أن اسمها يشير إلى شجرة الرعب.
إغدراسيل تحتوي على مجموعتين من الآلهة مجموعة سامية هي عائلة إيسير، أما العالم الأدنى هي عائلة فانير.. من خلال نحت النورنس على جذوع إغدراسيل تتحدد مصادر كافة أعراق العوالم التسعة.
فالنورنس هم ثلاثة مجموعات تتحكم في مصائر البشر، المجموعة الأولى فيرداندي أي مسؤولة عن الحاضر، والثانية سكولد ومسؤولة عن المستقبل، والثالثة يوردأورد المتحكمة في الماضي.
اقرأ أيضًا: أسماء آلهة الفايكنج
تفاصيل العوالم التسعة
تحتوي شجرة العوالم التسعة على أربعة عوالم في جذورها وأربعة عوالم في فروعها الممتدة إلى السماء، وعالم البشر في منتصفها، حيث تكون هي في منتصف الكون تغذى العمالقة والبشر وكل مخلوقات العوالم.
يجدر التنويه أنه لا يمكن السفر من عالم إلى آخر بدون سماحها، فتسمح إغدراسيل بالسفر في جزيئاتها وثناياها من عالم إلى آخر.
أولًا: عالم الآلهة مملكة أسغارد (إيسير)
أسغارد مدينة ملكية لها أسوار عالية من الذهب ويحاوطها جدار ضخم غير مكتمل.. وينمو بها أشجار تُفاح الشباب والحيوية، فيأكل منه الآلهة لكي لا يصيبهم الشيب، يقع عرش أودين داخل أسوار أسغارد لمتابعة العوالم التسعة.
أسغارد العالم الذي يضم آلهة إيسير وبداخله فالهالا التي طالما حلم بها كل محاربي الفايكينج العظماء، حيث لا يدخل فالهالا إلا الموتى الذين قضوا نصف حياتهم في الحروب والمعارك.
فعند موتهم ينتظرون البعث للحياة في فالهالا من الآلهة والمبارزات بينهم وبين كبار الآلهة، فهي نبوءة راجناروك التي تراودهم باستمرار.. يحكم ذلك العالم كبير الآلهة أودين وزوجته فريج وابنه ثور صاحب المطرقة الشهيرة.
لكن غير المحاربين يذهبون إلى مكان آخر في ذلك العالم يُدعى فولفانجر تحكمه الآلهة فريا، فبالرغم من آلهة فانيير إلا أنها تعيش أسيرة في مملكة أسغارد كأسيرة لضمان السلام بين القبائل، علاوةً على الإله لوكي صاحب الخدع والمكر لا ينتمي إلى أسغارد لكنه يعيش بها كأسير في الفترات التي يُشن فيها الحروب بين العوالم التسعة.
ثانيًا: عالم فانيير مملكة فانهايم
هو من أدنى عوالم إغدراسيل لأنه مكان آلهة فانيير وهم الآلهة الأدنى؛ حيث نشبت بينهم وبين آلهة إيسير قاطني أسغارد حتى تم تبادل الأسرى لضمان عدم شن الحروب ثانيًا.
اشتهر آلهة فانيير بالخصوبة والسحر والشعوذة، لكن لم توجد معلومة دقيقة في التراث الإسكندنافي تصف مملكة فانهايم.. بينما تمت الإشارة إلى أن الحرب بدأت بين ساكنيها وسكان أسغارد بسبب تدخلهم في شؤون آلهة إيسير.
ثالثًا: عالم البشر مملكة ميدغارد
عالم ميدغارد ينتمي إلى شجرة العوالم التسعة لكنه الوحيد بينهم من يعيش به البشر، وله شكل دائري مُجاط ببحر لا يُمكن عبوره، بين ميدغارد وأسغارد جسر يُدعى بيفروست.
خلق أودين ميدغارد وأخوين له في وفيلي، حيث كان في وفيلي من ذكر وأنثى لتخرج منهم بذور باقي المخلوقات، ولعلم أودين أن البشر ضعيفة خلق لهم ميدغارد؛ ليحميهم من العمالقة.
بعث أودين ابن الثاني المُدعى جورمونجاندر للوكي إله البحر ليكون أحد حكام ميدغارد، كان ضخمًا بما يكفي ليعبر البحر الذي يحيط به.
رابعًا: عالم الجن مملكة ألفاهيم
مكان ذلك العالم في السماء ويقع تحت حكم فرير، ويسكنه الجن الذين يتميزون بالجمال الخالص والهيئة المُضيئة؛ فنوره لا يضاهي نور الشمس.. فهم أكثر المخلوقات التي تحكم بالعدل.
يجدر الإشارة أن بعض المخطوطات جاءت بأن فرير هو الأخ التوأم لفريا، لكن البعض الآخر ذكر أن فرير كان زوج لفريا وليس زوجها.
خامسًا: عالم الأقزام مملكة سفرتالفاهيم
يُطلق عليه أيضًا عالم نيدافيلير يسكنه الأقزام ويُقال إنهم الجن الأسود، تنقل بعض المخطوطات أن سفرتالفاهيم ونيدافيلر كانوا عالمين مختلفين، لكن تم دمجهم معًا لترك مكان مُناسب لعالم الموتى.
سادسًا: عالم النار مملكة موسبيلهايم
تعد مملكة موسبيلهايم من أقدم ما نشأ على شجرة العوالم التسعة، وذلك ما تمت الإشارة إليه في كل الإرث التاريخي لعلم الكونيات الإسكندنافي.. فهو مليء بالنار واللهب والصهارات والأحجار الملتهبة، ويقع تحت حكم أحد العمالقة التي يُسمى سوتر.
سابعًا: عالم العمالقة مملكة جوتونهايم
جوتونهايم تقع تحت أسغارد وبينهم نهر يُطلق عليه إيفينجن لا يمكن لأحد أن يعبره لأنه لا يبرد أبدًا.. لكن الآلهة فقط مسموح لهم بالمرور منه لأداء مُهمة مُعينة أو لاختيار حبيبة من العمالقة.
لكن أودين كبير الآلهة يعبر من وقت لآخر كي يستشير ميمر أحكم المخلوقات حول بعض الأمور، ثم يعود إلى أسغارد مرة أخرى.. يجدر الإشارة إلى أن لوكي إله الخدع الذي تم ذكر آنفًا أنه يعيش في أسغارد أسير واحدًا العمالقة وينتمي إلى جوتونهايم.
ثامنًا: عالم الثلج والضباب مملكة نفيلهايم
ينتج عمالقة الثلج كميات ضخمة من الثلج يملأ مملكة نفيلهايم.. حيث تعد من أقدم العوالم التسعة ويضم أقدم ينابيع إغدراسيل الذي يصب الماء في 11 نهر، ويحميه تنين يُدعى نيجهوج.
هواء نفيلهايم المثلج مع هواء موسبيلهايم الناري أنتج مادة استخدمها أودين لصناعة يمير، ومنه خرجت العمالقة التي اعتمد أودين على جثثهم لتشكيل عدة مخلوقات تعيش في عوالم إغدراسيل المُختلفة.
اقرأ أيضًا: تلخيص قصة رأس ميدوسا
تاسعًا: عالم الموتى مملكة هيل هايم
تحكم هيل ابنة الإله لوكي أخت هنرير وجورمونجاندر.. حيث استبعد أودين الثلاث أشقاء بسبب علمه أنهم لا يعرفون الطاعة والإنصات للأوامر؛ لذا قرر إبعادهم عن بعضهم البعض.
وعليه، فيمكنه اتقاء شرور ثلاثتهم عند تجمعهم في عالم واحد؛ وذلك كان سبب إعطاء كل واحد منهم عالم ليحكمه ويكون مسؤول عنه.. يصل الموتى من صغار السن والعجائز إلى هيل هايم عبر جسر على نهر خطير جدًا مليء بالأسلحة.
فهذا هو الطريق الوحيد لوصول الموتى إلى هيل هايم المملكة المُحصنة بجدار قوي لا يشابهه أي جدار يحيط بمملكة أخرى في العوالم التسعة، من المستحيل إخراج الموتى من هيل هايم.
بالرغم من قوة أودين فلم يتمكن من إخراج ابنه بالدر من هُناك، مع إن هيل قادرة على إخراج أي جسد من المملكة، لكن شرها يطغى على عقلها؛ حيث وافقت بشرط أن يبكي عليه كل المخلوقات في العوالم التسعة الحي منهم والميت.
بكى عليه كل المخلوقات الكونية بالفعل بفضل شعبيته الواسعة إلا عملاق واحد أبى أن يبكي، وعرف أودين فيما بعد أن من رفض البكاء على ابنه بالدر هو لوكي؛ لأنه من أراد موته بدايةً لمعركة راجناروك.
تعد معركة راجناروك مثل يوم الحساب بالنسبة لعلم الكونيات الإسكندنافي، فهي بين إيسير وفانيير ومن رماد المعركة يتم إعمار الكون من جديد، حسبما جاء في الثقافة النوردية.