بقلم / سيد الوكيل
بالنسبة لأسعار الكهرباء والمياة ليست هي المشكلة، فالحقيقة أن الشعب المصري هو الوحيد الذي يرش الشوارع بماء الشرب، ويتفاخر بسرقة الكهرباء في المآتم والأفراح والليالي الملاح، والمصريون يستهلكون الكهرباء والماء والغاز بغباء وبلا معنى فنحن الشعب الوحيد الذي يترك النور واذاعة القرآن الكريم تعمل أثناء السفر لنوهم اللصوص بان الشقة فيها سكانها، مع أن كل اللصوص تبحث عن هذه الشقق بالذات..
عموما مش ده المهم، أنا مستعد لدفع ثمن استهلاكي، وأيضا سوء استهلاكي، لكن المشكلة في تعامل شركات الماء والكهرباء مع المستهلك، فالكشاف لا يأخذ القراءة بانضباط، فيمر عليك كل شهرين أو أكثر ، ويكون عدادك دخل في شريحة المستهلكين الكبار، وبالتالي فأنت تدفع ثمن كسل الكشاف، والشركة لن تعترف إلا بالدفع أو قطع التيار ، فلا أحد يتابع أو يسمع شكواك، هذا جانب من اهتراء الشخصية المصرية وخراب ضميرها الذي لا أعرف كيف يمكن لأى نظام أن يعالجة، وهو سلوك عابر للأنظمة والرؤساء والأيديولوجيات والأديان.
حتى لو حدثتني عن أهمية القوانين والرقابة والتفتيش .. أقول لك: ” مكانش يتعز ” فإن المراقبين والمفتشين أنفسهم، يتعاملون مع الأمر بنفس الكسل وقلة الضمير، ساواء كان مفتش التموين أو مأمور الضرائب أو طبيب الصحة أو رئيس الكشافين.. فإذا أثبت لأحدهم أن الكشاف لم يمر ليأخذ قراءة العداد في الوقت المناسب، فإن رئيسه ، لن ينصرك على الكشاف أبدا، لأن المبدأ هو انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فالكشاف زميله في نهاية الأمر، وأحد من أبناء قبيلة الكهربائيين، أما المستهلك فهو من الأعداء… من الناس التانيين ويارب يولعوا بجاز.. احنا مالنا..
لكن مشكلة المياه أكثر تعقيدا، فجميع العدادات لاتعمل ومعطلة تماما، لأن عمرها من نفس عمر بناء البيت، وبالتالي لا داعي لوجود كشافين أصلا، والشركة تقدر مبلغا جزافيا بعدد الشقق ، بغض النظر عن حقيقة ما تستهلكه كل شقة.. وهذا مبدأ معروف اسمه: الحسنة تخص والسيئة تعم، فأنت قد توفر استهلاك الماء أو تسافر لبعض الوقت، ولكنك ستدفع مثل جارك المفتري، وبعد وقت، تقول لنفسك: لماذا لا آخذ حقي.. سأرش الجنينة والشارع والسطوح إذا لزم الأمر.
ما الحيلة أمام جهاز إداري ، على هذا النحو، بلا إمكانات ، والعاملين فيه بلا ضمير، والقوانين فيه تخترق بذكاء وتحايل غير عادي، وده الشيء الوحيد الذي برع فيه الموظف المصري، أما العامل المصري، فحدث ولا حرج في السرقة وقلة الضمير وانعدام الكفاءة…