بعد أربعة أعوام من المعارك الطاحنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وبينما كان التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة في مخيم الباغوز عند الحدود السورية العراقية، كان المئات من مقاتليه والآلاف من عائلاتهم يستسلمون بعد أن حوصروا في آخر معقل لهم.
وتحت أنقاض “دولة الخلافة” التي خلفوها وراءهم، دفنت آلاف القصص والأسرار التي لم تروَ، والتي بدأت تتكشف بعض تفاصيلها بعد أن وضعت الحرب أوزارها، ومن بينها حكاية من انضم للتنظيم من عرب إسرائيل الذين تثير مسألة انضمامهم الكثير من الأسئلة، بالنظر إلى خصوصية وضعهم المرتبط منذ عقود بحيثيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
في أقصى شمال غربي سوريا، وفي مقر أمني داخل مدينة الحسكة التي تتقاسم السيطرة عليها قوات الأمن السورية ووحدات حماية الشعب الكردية، سمح لفريق بي بي سي بلقاء أحد أعضاء التنظيم المعتقلين منذ بضعة أشهر من قبل القوات الكردية.
رحلة سياف الي تنظيم الدولة
يتحدر الشاب سياف شريف داود البالغ من العمر 29 عاماً من قرية كفرا برا ويحمل الجنسية الإسرائيلية، وبدا بصحة جيدة حين نقل من السجن لمقر أمني لإجراء اللقاء.
ينفي سياف أن يكون قد وقع تحت تأثير أي طرف لاتخاذ قراره بمغادرة إسرائيل إلى سوريا، رغم تشديده على أنه حديث العهد بالتدين، ويقول إن الدافع وراء توجهه إلى سوريا في مطلع عام 2015 كان الدفاع عن النساء والأطفال السوريين ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وليس للانضمام لتنظيم الدولة الذي كان في أوج قوته، ويسيطر على مساحات واسعة بين سوريا والعراق، تمتد من حدود سامراء إلى أطراف حلب.
غادر سياف إسرائيل من مطار بن غوريون في تل أبيب إلى إسطنبول، ومنها إلى أورفة على الحدود السورية التركية، ليعبرها في اليوم التالي باتجاه مدينة تل أبيض التي كانت تحت سيطرة التنظيم آنذاك، وعلى الفور أُخضع لدورة شرعية وتدريب عسكري، لكنه أُلحق بالقطاع الطبي بالنظر إلى تعرضه لإصابة قديمة في الرأس بحسب ما قال.
وكان العشرات من عرب إسرائيل بينهم بعض النساء قد التحقوا بالتنظيم في ذات الفترة التي شهدت اقبالاً كبيراً من قبل متطرفين من الكثير من دول العالم للالتحاق بمشروع البغدادي.
ويؤكد سياف أن الكثيرين منهم عادوا إلى إسرائيل بعد فترات متفاوتة امضوها في سوريا، وأنه كان يعتزم الهرب من التنظيم والعودة أيضاً بعد نحو عام على انضمامه لهم، خاصة وأن الشكوك بحملة الجنسية الإسرائيلية ازدادت بعد ادعاء التنظيم في إصدار خاص اكتشاف جاسوس للموساد بينهم، وإعدامه برصاصة بالرأس على يد طفل.
يقول سياف إنه حاول بعدها الهرب والعودة إلى إسرائيل، لكنه اعتقل من قبل أفراد أمن التنظيم، الأمر الذي دفعه للزواج لدرء الشبهات عنه. وكغالبية المهاجرين في التنظيم، لم يفكر كثيراً في الجنسية التي ستحملها طفلتاه اللتان انجبتهما زوجته السورية.
وعادة ما يعتقل التنظيم من يحاولون الهرب من مناطق سيطرتهم لفترات قصيرة كعقوبة أولية، لكنهم يلجأون إلى قتل من تتكرر محاولاتهم.