كتبت : جميلة حسن
اتخذت بعض المؤسسات الوطنية إجراءات أولية لمناهضة العنف ضد النساء بمصر ، وشملت تلك الإجراءات الإعلان منذ بضعة أسابيع عن تشكيل لجنة يعمل على تنسيقها المجلس القومي للمرأة مع عدة وزارات وعدد قليل من منظمات ومبادرات المجتمع المدني من أجل تصميم إستراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء ، والتي نادت بها العديد من المنظمات والمجموعات النسوية منذ العام الماضي.
والجدير بالذكر أن تشكيل اللجنة الأخيرة يعد خطوة أساسية ومهمة للبت في عملية ضرورية لمكافحة تلك الجرائم، ولكن في نفس الوقت، تظل المجموعات والمنظمات النسوية التي نادت بتلك الإستراتيجية قلقة للغاية أن ينتج عنها قصور بالغ في عناصر الإستراتيجية المعنية، ومدى التزام اللجنة المعنية بوضع الإستراتيجية الوطنية وخطتها بتوصيات المنظمات النسوية والحقوقية والتي أخذت على عاتقها القيام بتدخلات ميدانية وتوفير دعم طبي ونفسي وقانوني للناجيات من تلك الجرائم، سواء في كل من المجال الخاص أو العام، لسنوات عديدة، بما قد ينتج عنه طرح إستراتيجية محدودة الرؤية وغير مجدية، نتيجة لقصورها وعدم شفافية إجراءات إقرارها أو تنفيذها.
لذا نعلن نحن، مجموعة من المنظمات والمجموعات النسوية التي تتبنى نفس المبادئ والانحيازات، وخاصة تجاه قضية العنف ضد النساء، على تكاتفنا سوياً والبناء على خبراتنا الميدانية في مجال التصدي لجرائم العنف ضد النساء واستجابتنا لها، من أجل تصميم إستراتيجية وطنية تشمل الأدوار التي يجب أن تلعبها المؤسسات الوطنية وما تشمله من وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي ووزارات الداخلية والصحة والتربية والتعليم والإعلام والتضامن الاجتماعي والمجلس القومي للمرأة وغيرها من الأطراف المعنية، بالإضافة إلى المنظمات النسوية غير الحكومية.
ويأتي ذلك إيماناً منا بالقيام بدورنا الأصيل وهو عمل تدخلات جذرية والعمل كمجموعة ضغط من أجل تحسين الوضع المزري الخاص بالعنف الممارس ضد النساء بجميع أنواعه وأشكاله، ونؤكد على استقلالنا التام عن اللجنة التي تعمل حالياً على الإستراتيجية المعنية بدون أي إتباع لمعايير الشفافية التي نؤمن بها.
فنحن نرى أننا بهذا الشكل نستكمل القيام بدورنا كمجتمع نسوي ومدني مستقل، يقوم بطرح خلفية معرفية وتقييم للوضع وتوفير حلول وسياسات بديلة، والتطرق إلى “ماذا بعد”، وسنقوم في الأيام القادمة بتقديم رؤيتنا الخاصة بالإطار العام للإستراتيجية المعنية ودور المؤسسات الخاصة بالدولة وكيفية تطبيق خطة العمل الخاصة برؤيتنا.
ويأتي ذلك لضمان وضع قضية العنف ضد النساء على أولوية جدول أعمال الدولة، وخاصة في ظل تفشي وانتشار جرائم العنف ضد النساء، وخاصة جرائم العنف الجنسي منها في العام الماضي، مع عدم وجود حلول جذرية لها وعدم جدوى التدابير التي أخذتها الدولة خلال العام الماضي.
وسوف يشمل تصميم الإستراتيجية المعنية من قبل المنظمات والمجموعات النسوية الموقعة على آليات تنبع من الخبرات الميدانية المشار إليها مسبقاً، والتي شملت كيفية عمل واستجابة كيانات وطنية مثل الشرطة والمستشفيات الطبية والمحاكم وإجراءات التقاضي بها أو بالأحرى غيابها لتلك الجرائم، فيما عدا التجربة القضائية الاستثنائية والخاصة بالجرائم التي تم ارتكابها في 8 يونيو 2014 أثناء الاحتفال بحلف يمين الرئيس المصري الحالي في ميدان التحرير والمناطق المحيطة به، بالإضافة إلى تبني التعريف الدولي والموسع للعنف، والتي وقعت وصدقت مصر عليه من خلال اتفاقيات ومواثيق دولية عديدة منذ عام 1994 في مؤتمر السكان والتنمية ومؤتمر بيكين في عام 1995، والتطرق إلى التعديلات التشريعية اللازمة والتي طالما نادت بها البعض من المنظمات والكيانات الموقعة منذ أعوام عديدة وتقديم مشاريع خاصة بها لمختلف الحكومات والتي لم تشهد أي استجابة أو حتى حوار جاد بخصوصها.
لقد بات من الواضح جلياً أنه لا بديل عن تصميم إستراتيجية وطنية حقيقية وفعالة من شأنها البدء في اقتلاع تلك الجرائم من جذورها، والعمل على خلق كل من مجال خاص وعام آمن للنساء في مجتمع يسعى إلى الحفاظ على حقوق المواطنات والمواطنين والسعي إلى التأكد من توفير الخدمات اللازمة للناجيات من قبل الدولة، تستطيع من شأنها أن تحفظ كرامتهن، وتطبيق تدابير جادة للقضاء على مناخ الإفلات من العقاب لمرتكبي تلك الجرائم، وضمان وفاء الحكومة المصرية بتطبيق الاتفاقيات التي صدقت عليها وقامت بالتوقيع عليها للقضاء على جرائم من شأنها غلق المجال العام للنساء والاستمرار في جعل المجال الخاص مجال لا تستطيع النساء العيش به والتمتع بحقوقهن الأساسية من خلاله.
الموقعون
مؤسسة المرأة الجديدة
مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف
مؤسسة قضايا المرأة المصرية
نظرة للدراسات النسوية