افتتح الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربى، اليوم الأحد، أعمال ندوة الاحتفال باليوم العربى لحقوق الإنسان، والتى تناقش هذا العام موضوع مكافحة التمييز والذى نصت عليه جميع المواثيق والمعاهدات الدولية، والإقليمية بما فى ذلك الميثاق العربى لحقوق الإنسان.
وقال العربى فى مستهل كلمته فى افتتاح الاحتفال بالذكرى السادسة لدخول الميثاق العربى لحقوق الإنسان حيز النفاذ إنها مناسبة هامة لتأكيد تمسك جميع الدول العربية باحترام، وتعزيز حقوق الإنسان باعتبارها حقوق أصيلة فى أى مجتمع وهى جزء من القيم الإنسانية، وتشكل ضرورة حيوية لإحراز أى تقدم فى عدة مجالات، وخاصة مجال التنمية الاقتصادية ومجال سيادة القانون.
وتابع: لاشك أن الأوضاع فى العالم كله لا أقصد فى العالم العربى فقط يحتاج إلى الارتقاء بمستوى الاعتراف بحقوق الإنسان وهذا ما يجب أن نسعى إليه. مضيفا أن مبادئ وأهداف الميثاق العربى لحقوق الإنسان الذى دخل حيز النفاذ فى السادس عشر من شهر مارس، أى اليوم، أكدت على الحاجة إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان فى المنطقة العربية. وجاء فى المادة الأولى التأكيد على وجوب إعداد أجيال المنطقة لحياة حرة مسئولة فى مجتمع مدنى متضامن قائم على التلازم بين الوعى بالحقوق والالتزام بالواجبات. وكذلك التأكيد على ترسيخ المبدأ القاضى بأن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، وبالتالى لا يستطيع أى حاكم فى أى دولة أن يقول إن حقوق الإنسان فى هذه الدولة شأن داخلى.. هى شأن عالمى وجميع الدول عليها أن تسعى لتحقيق ذلك.
وأكمل: كما كفل الميثاق العربى لحقوق الإنسان حق كل فرد فى التمتع بالحقوق والحريات الواردة فيه، دون تمـييز بسبب العـرق أو اللون أو الجنس، أو اللغة أو العقيدة، أو الرأى، أو الفكر، أو الأصل الوطنى، أو الاجتماعى، أو الثروة، أو الميلاد، أو الإعاقة البدنية أو العقلية.
ومواكبةً للتطورات الراهنة، تقوم جامعة الدول العربية بتنفيذ قرار قمة الدوحة العام الماضى بتطوير منظومة العمل العربى المشترك لتتلاءم مع متطلبات واحتياجات الشعوب العربية بما يعزز استقرار المنطقة، ويشمل هذا التطوير ميثاق جامعة الدول العربية ذاته والميثاق كما تعلمون تم صياغته عام 1944 أى قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية وللأسف لا نجد فى ميثاق جامعة الدول العربية أى إشارة إلى أى موضوعات متعلقة بحقوق الإنسان، لأن العالم لم يكن يتحدث فى ذلك الوقت عن حقوق الإنسان، ويشمل دون تطوير كما ذكرت فى ميثاق جامعة الدول العربية أنه يتضمن تعهدات الدول الأعضاء بحماية واحترام حقوق الإنسان، كما سوف يشمل التطوير الميثاق العربى لحقوق الإنسان ليصبح أكثر توافقا مع المواثيق الدولية ذات العلاقة. هذا وسوف أتحدث بعد ذلك عن إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان.
وأضاف الدكتور نبيل العربى: تشهد المنطقة أزمات وتوترات، قد تشتد أو تقل حدتها من مجتمع إلى آخر، هذه الأزمات والتوترات أظهرت بشكل أو بآخر التمييز فى مجتمعاتنا العربية تجاه حقوق بعض الفئات خاصة تلك الأكثر هشاشة وعلى رأسها المرأة وكذلك العمالة الأجنبية، ناهيك عن الإقصاء الطائفى والمذهبى والفكرى، والذى اتخذ مؤخرا شكله الدينى متجليا بالتوترات الطائفية فى عدد من دول المنطقة. إن تصاعد وتيرة التمييز بهذه الصورة يؤكد على أن التمييز لا يعد فقط قضية أخلاقية ومكافحته تعد مبدأ أخلاقى، بل فى بعض الأحيان يعتبر معضلة سياسية تستدعى تبنى سياسات إصلاحية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية. ولابد هنا من الإشارة إلى التمييز العنصرى المؤسس والممنهج الذى تمارسه السلطات الإسرائيلية فى حق الشعب الفلسطينى، بما فى ذلك فلسطينيى 48 من حاملى الجنسية الإسرائيلية الذين يعيشون داخل إسرائيل نفسها.
وتابع: لاشك أن حماية ونشر وتعزيز حقوق الإنسان هو المفتاح لتحقيق السلام والتنمية المستدامة فى العالم العربى، ولذلك فقد وضعت الجامعة العربية حقوق الإنسان على رأس جدول أعمالها وتبنت أجندة تهدف إلى تعزيزها فى المنطقة العربية من خلال طرح أهم التحديات التى تواجه حقوق الإنسان فى عدة فعاليات تجمع بين الجهات الحكومية والمجتمع المدنى العامل فى مجال حقوق الإنسان، وذلك لتقريب وتبادل وجهات النظر والخروج بإستراتيجيات أو توجه يضمن حماية وتعزيز حقوق الإنسان فى جميع البلاد العربية بما فى ذلك توفير الحماية القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك بناء كوادر من الفاعلين فى مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع عدة جهات دولية وإقليمية من ضمنها الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة.
وفى ذات السياق، تبذل الأمانة العامة الآن بواقع الأمر جهودا حثيثة للانتهاء من إعداد مشروع النظام الأساسى للمحكمة العربية لحقوق الإنسان الذى أشارت إليه منذ دقائق، وذلك بعد أن أقر إنشائها مجلس الجامعة على مستوى القمة فى الدوحة العام الماضى، بناء على مقترح تقدمت به مملكة البحرين فى القمة السابقة وسوف يعرض النظام الأساسى على القمة القادمة التى تنعقد بعد عشرة أيام فى الكويت وبعد إقراره يبدأ عمل المحكمة الذى يعد نقلة حضارية فى المنطقة العربية لتلحق بركاب العصر مثلما فعلت أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا.
واختتم الدكتور نبيل العربى كلمتة قائلا: لا شك أننا جميعا نصبو نحو تحقيق وطن عربى خال من التمييز، لذا فنحن فى حاجة إلى العمل سويا لضمان تعزيز ثقافة حقوق الإنسان فى العالم العربى والوفاء بالالتزامات الدولية للدول الأعضاء تجاه حماية حقوق الإنسان، ونأمل تحقيق ذلك بمساهمة المؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية العاملة فى مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع الحكومات.
وفى الختام، الشعوب هى من تصنع الأوطان وليس العكس. وإذا لم نعمل على الارتقاء بشعوب المنطقة بضمان حقوقهم الأساسية وعلى رأسها حقوق الإنسان فلن تتحقق مصالح الشعوب ولا مصالح الأوطان