منتصف الطريق / مسألة الكمين.. مجموعة قصصية لفريد بغدادي وباكورة الإنتاج وما أدراك ما البواكير..
مسألة الكمين مجموعة قصصية لفريد بغدادي
رؤية الشربيني المهندس
قد يبدو التناول مختلفا من الدور التاني بالترام وحلاوة البحر ياسادة يا كرام..
اسمعوا الحكاية وقولوا معايا..
هل الأديب مجرد عارض للصورة ولنر معا الصورة تطلع حلوة والمرور في اتجاه واحد،
أم عليه أن يجري بعض الرتوش باخفاء الصلعة وتوسيع العينين وتصغير الأذنين لتبدو
أكثر وسامة وجمالا، وهو يضحك مع الازدواجية يا واخد القرد..
وهل الأديب محايد..؟
أم عليه أن يقف في منتصف الطريق علي شفا حفرة وما فيش فايدة.. هنا وجهات نظر..
هذا ما جال بخاطري مع عبارات مؤلف قصص منتصف الطريق (لو تقابل الكثيرون في منتصف
الطريق لحلت معظم مشاكلهم)
خلاص كده كلام جميل ومسألة مبدأ..
ولكن ماذا قالت قصصه وليس من بينها قصة بهذا العنوان..!
يقول الناقد عبدالله هاشم في التقديم للمجموعة أنها تحمل عمق مشكل المصريين وسخريتهم
حتي من أنفسهم باعتبار القصة هي المرآة الباقية..
وهنا تذكرت من قالوا.. احذر المرآة فاحسست بالكمين..
يقول د. نبيل راغب أن الكاتب الساخر بطبيعة منهجه رابض في كمين ، يتيح له التربص بمن يريد متسلحا
بالمنطق المتماسك والحجج اللاذعة والثقافة العميقة ويملك القدرة علي أن يدفع جمهوره إلي القيم
بعملية نقد ذاتي ودفعه إلي أن ممن نفسه متصورا أنه يضحك من ظواهر عامة لا تمت إليه بصلة..
«منتصف الطريق عنوان مجموعة الكاتب المصرى فريد بغدادي التى صدرت مؤخراً عن «دار الهدي» بالأسكندريه،
والتي قرر الكاتب اطلاق سراحها بعد ان سخرت من حبسها ، وهي تحمل مشاكل واقعية لكن العنوان لا يخص
قصة فرعية ، ومع أنين المأسورين قرر أن تتوزع دلالات مقولته وعنوان المجموعة على جميع القصص ما بين الرضا
بالهم وما يقع الا الشاطر ورسالة واضحة وتحية لجرأة الكاتب ومهارته..
ومع تدحرج الصور ينسج «بغدادى» فى مجموعته تلك، خيوطاً عن عالم المهمومين بمشاكل تتراوح بين العامة والخاصة وهو عالم أجاد تصويره، ولا يريد أن يبرحه، ويبدى دوماً وفاء له، بل يجالس ويسامر شخوصه الواقفين على درجات السلم الاجتماعى المختلفه ، لنندهش مع العنوان وتأتي المفارقة بل الموعظة مع النهاية..
مجموعة قصصية ll ويبدو أنه لا يقع الا الشاطر قد أصابت الكاتب فوقع في الكمين..
قصة قصيرة في الافتتاحية.. خلاص كده بين اليقظة والمنام وجدلية الموت والحياة، وقد عرضها الكاتب باسلوب شيق يدفعك للمتابعة حتي النهاية ليفجر الغضب المحموم الذي يشعر به في وجهك..
والثانية عن الحب والمال وضع حلا لها بمعرفته بعرض الزواج الأبيض في بلاد بره الذي يضمن
الحصول علي الجنسية والعمل بشروط العروس الفرنسية ليجيب عن السؤال العنوان وهو مثل شعبي،
ويقع في الكمين ليعرض النهاية المصرية بابتسامة ماكرة..
والثالثة ما يقع الا الشاطر واعتقد ان عنوانها الأصلي كان في منتصف الطريق،
ورغم عدم واقعيتها حيث نجح المحامي في اعادة المياه الي مجاريها بين الزوجين
ليخسر القضية ويبحث عن جركن مياه مالحة طمعا في الرزق، وما فيش فايدة ونهاية
القصة تقع في باب الموعظة مثلها قصة المطلقة وليس من البديهي أن نفس المقدمات
تؤدي الي نفس النهايات لكنه الكمين..
هكذا طاف بنا الكاتب بدول مختلفة فرنسا ولندن وكندا وكلمة قد تكفي مع رجب البواب رغم ثقة الشك وكله بتمنه وهل يقول المنطقي أم مع اللا منطق قررت أن أقول له كش ملك.
-
فلا الحلال يكسب ولا احنا إن رضينا بالهم سيتغير شيئا..
ولكنها غير مناسبة لرؤية الكاتب حول معني التفاؤل والنصف المضئ
الجميل في المجموعة أن يسرد «بغدادي» هذه القصص بلغة تختلط فيها الفصحى بالعامية،
والتقريرية بالشاعرية، بسيطة وسهلة كانت ستزداد جمالا لو امتزج البشرى الصاخب بطبيعة هادئة
حاضرة تحيط بكل حركات وسكنات الشخصيات حيث الشمس العفية والريح الهادئة والمطر الخفيف
والشجر الباسق والقمر الحالم،
وهكذا وكأنه يصنع أفقاً جميلاً مفتوحاً لها ،فضلا فإن الحياة مفعمة بحكايات وصور أخري، فضلاً عن العوالم الموازية،
وتلك التى ينسجها الخيال باقتدار، فيصنع البهجة والدهشة نعم الأدب مزيج من الواقع والخيال معا بعيدا عن المرآة..
وأقول مع والد باسم وللإسم دلالته آسف يا ولدي أن أمحو كل ما سطرت في وجدانك ،وعقلك علي مدار سنوات عمرك الوردي..
قوانين الغابة ما زالت تحكمنا هي بداية النهاية وليست منتصف الطريق،
بل وتخرج لسانها للمضئ من الطريق..
كان مروان الديك قد عين وزيراً أشهراً قليلة ثم أقيل على عجل لتتحول حياته انتظاراً غير قانط للمنصب المفقود،
ولكن انتظاره لم يمنعه من الحج كل سنة،
-
فلم يصفه أحد بالتقوى والصلاح،
واتفقت كل الآراء على أن ذنوب الوزير السابق مكتوبة بدماء المسروقين والمظلومين، والدماء حبر لا يمحى.
وكانت خديجة الصراخ إمرأة عجوزاً تزور العائلات باحثة عمن تصلح زوجة لابنها الشاب الذي يفضل الفتاة الذكية المرحة البيضاء ذات الشعر الأسود، ولا تتذكر أن ابنها قتل قبل سنوات.
وكان سمير الفلاح مغرماً بالجياد، وطلب في ليلة من ليالي القدر أن يصير جواداً،
ولاحظ في اليوم التالي أن أذنيه قد كبرتا، فأراد التعبير عن بهجته بنيل ما طلبه،
فبوغت بأنه قد نهق ولم يصهل.
وكان بشير الزاهد لا يستطيع نسيان أنه مشى في الأزقة حافياً عندما كان طفلاً فقيراً،
ولا يستطيع أيضاً تجاهل أي حذاء يراه ويعجب به، ويحاول اقتناءه بوسائل غير مشروعة،
ولم تواجهه أية متاعب إلا عندما انتقل من الإعجاب بأحذية المصلين في المساجد إلى
الإعجاب بسيارات المسؤولين.
وكان أسعد البالاتي تواقاً إلى أن يصبح كاتباً مشهوراً على الرغم من أنه لا يملك من المواهب غير
الوقاحة والسماجة، وقد عثر على ما ظن أنه يحقق له بعض الشهرة، وهو السير في جنازة كل كاتب
مشهور منكس الرأس دامع العينين والتردد إلى المقاهي مرتدياً بزة سوداء ومتحدثاً إلى الصحافيين
عن صلته الحميمة بالفقيد، ولكنه عندما سار في جنازة الشاعر ممدوح عدوان متظاهراً بالبكاء، لم
يستطع الشاعر الصبر، وصاح بالبالاتي: إخرس أيها المتخلف عقلياً.
فلم يرتبك أسعد البالاتي، وقال لمن حوله: المرحوم يحب دائماً ممازحتي، ولا ينشر كلمة إلا بعد معرفة رأيي فيها، وهو رأي لا يجامل.
مجموعة قصصية اا .. فمات ممدوح عدوان ثانية
وكان السرطان سبب موته الأول، وكانت السماجة هي المسؤولة عن موته الثاني.
وكان جمال الصافي يأكل في أيام شبابه ثلاث مرات في اليوم الواحد، واضطر في أيام شيخوخته إلى أن
يأكل في اليوم مرة واحدة لأسباب ليست صحية، فلم يتذمر، وحمد الله متمنياً ألا يضطر إلى أن يأكل مرة
واحدة في الاسبوع.
وكان سليم الملاح عاشقاً لفتاة مخلصة ساذجة أحبته بجنون وهددته بالانتحار إذا خطر له يوماً أن يهجرها
أو أن يتضاءل حبه لها، ولكنها بعد زواج دام سبعة شهور طلقته بعد أن نجحت في تجريده من كل ما يملك،
وعندما اعتزم سليم الملاخ الذهاب إلى المحكمة الشرعية لحضور جلسة الطلاق ناشد أصدقاءه أن يعيروه
ثياباً داخلية.
-
مجموعة قصصية ll وكانت حميدة السماح امرأة مزواجة،
تزوجت رجلاً اكتشفت بعد أسابيع أنه مقامر وسكير، وتزوجت رجلاً يتظاهر بالكرم وازدراء المال،
فإذا هو يحاسبها كل مساء الحساب العسير على أعواد الثقاب التي استهلكتها في المطبخ قائلاً
إن من لا يحرس خرافه ليل نهار يأكله الذئب ويأكل خرافه، وتزوجت رجلاً تبين لها منذ الليلة الأولى
أنه لا يحب النساء، وتزوجت رجلاً يقال عنه إنه مربي أجيال، فكانت لا تستطيع أن تسعل بغير استئذانه،
وتزوجت مناضلاً ينتقل من سجن إلى سجن، فسئمت الوقوف بالقرب من أبواب السجون، وطلقته لتعيش
بقية عمرها عزباء برفقة قطة مرحة.
وكان رياض العلال قد ورث عن أبيه المتوفي ثروة طائلة أنفقها بكاملها على أعمال البر والتقوى،
وعاش ما تبقى له من العمر كغيره من عباد الله الذين يشتغلون من الشروق إلى الغروب،
فقيل عنه إنه قد ظفر بجناحين يتيحان له الهرب من النار إلى الجنة،
ولا يتيحان له الهرب من جوع متوحش فظ.
وكان حسان الطبال يمشي في شارع مقفر بعد منتصف الليل، فاستوقفه شبان مسلحون يبغون
السطو على ما في جيوبه، فبوغتوا بجيوبه فارغة، فسألوه عما يفعل في الشارع في مثل هذه الساعة،
فأجاب أنه يتنزه متمتعاً بضوء القمر، فانهالوا عليه بالضرب الموجع قائلين له إن ما يفعله هو سبب إفلاسه وإفلاسهم.
وقبل وصول المفتش والبحث عن التذاكر ..كان جبر المسعود يحلم بأن يصبح مذيعاً تلفزيونياً ذائع الصيت،
فقيل له إن وجهه يصلح للتمثيل في أفلام الرعب، فزاغ من الكمساري وهرع إلى المخرجين السينمائيين
الذين قالوا له معتذرين إن أفلام الرعب لا وجود لها في السينما العربية، وإن الحياة العربية نفسها هي التي
تتكفل كل يوم بتقديم أفلام الرعب.
مجموعة قصصية لفريد البغدادي
مجموعة قصصية برؤية ودراسة الشربيني المهندس
اقرأ للشربيني المهندس قصة قصيرة بعنوان الزفة