نشرت الشاعرة أمل الأخضر على حائطها الأزرق خلال شهر فبراير خمس قصائد، كلها لا يمكنك أن تمنع نفسك من إعادة قراءتها مرة ومرات.
خمس قصائد، نشرتها الشاعرة خلال شهر فبراير ، كلها تحمل نفسا وشكلا وروحا مختلفة يمكن اعتبارها مرحلة شعرية جديدة في مسيرتها الشعرية.
خمس قصائد، تنسيك الواحدة منها الأخرى، بقدرتها على اقتحامك وتحريك الساكن الشعري فيك.
خمس قصائد هي: ( والتسميات من عندي لأن الشاعرة لم تعنون قصائدها )
1- ( أيادي العشق تحاول )
ومنها:
في الحُبِّ فَرَاشَاتُ الرُّوحِ من كُواتِ القَلْبِ تَتَناثَر
طَريقٌ أٓعْمَى ، وَعَصاةُ الرُّؤْيَةِ تَكسَّر
نَوَارِسُ اللَّهِ غَيْمَاتٌ تُظَلِّلُ سَفينَةَ عُشَّاقٍ تَاهَت
في الْحُبِّ ،بُرُوقٌ وَنِيرَانٌ ..
2- ( الشاعر صاحب الكمنجات )
ومنها:
الشَّاعِرُ المُقيمُ في البَلَدِ ، والشَّاعِرُ الغَريبُ عنٍ البَلَدِ ، والشَّاعِرُ المُسْتَوْطِنُ لِجَميعِ البِلادِ ، والشَّاعِرُ الْواقِفُ بِبابِ اللَّهِ يَسْأَ لُهُ زَهْوَ وَرْدَتِهِ الذَّابِلَةِ في أَصِيصِ شُرْفَتِهِ ، و عَوْدَةٍَ حَبيبتِهِ الغَاضِبَةِ ، وَيَسْأَلُهُ الْكَثيرَ من ْ بَلَلِ الْكَلام .
3- ( لست معنية بشيء )
ومنها:
لست معنِيَّةً بتَقْطيبة جبينِكَ ،
ولا بتقاسيمِ القَلقِ على وجهِك ،
ولا بمقالاتِك اللاَّذعةِ على المواقعِ الإلكترونِيَّةِ .
ولا بجارَتِنا السَّمينةِ ، تتوكَّأُ عُكَّازًا من خشب ،
ولا بِقَريبي ضَبَطْتهُ يتَلَصَّصُ على السّيِّدة نزيهة المُقابلَةِ لدارِنا
تَكْنِسُ عتَبةَ الباب ، و لا بقِطِّ حيِّنا الأَعْوَرِ المُحْدِث لجَلَبةٍ في هزيعِ الظَّلام
4- ( أمضي في الحب كمن يمضي إلى حتفه )
ومنها:
أَمْضِي .. وَأُحَرِّضُ الْأُغْنِيَاتِ في صَدْرِي ، وَالْكَمَنْجَاتِ الرَّاقِدَةَ في جُيوبِ الذَّاكِرَةِ ، وَأُحَرِّضُ أَيْضًا بَقَايَا الدَّنْدَنَاتِ الْعَالِقَةِ بِحُنْجُرَتي ، مُنْذُ عَهْدٍ بَعيدٍ .
القصائد الخمس كلها تنتمي لعالم شعري واحد هو عالم الشاعرة أمل الأخضر، وكلها يمكن اعتبارها ابتهالات في محراب شعري خاص لا يلامسه أو يجاريه إلا الراسخون في علم الجمال الشعري.
أعرف الشاعرة أمل الأخضر منذ دائما، حتى قبل أن يتشكل وعينا الشعري، وحتى قبل أن نتواصل ونتفاعل في جمعية الامتداد الأدبية بمدينة القصر الكبير، وحتى قبل أن نهيم في ملكوت الأدب باحثين عن شجرة الشعر لنستظل بها…
أعرف أمل الأخضر منذ دائما، ومنذ دائما كنت أعرف أنها شاعرة، شاعرة بالفطرة وبالسليقة، شاعرة في علاقاتها الإنسانية وفِي الحياة، شاعرة بالكتابة والإبداع والإلقاء.
أقرأ للشاعرة أمل الأخضر وأتابعها منذ القصيدة الأولى إلى الآن، مرورا بديوانيها ( بقايا كلام ) و ( أشبه بي )، لم أحس بها منهمرة شعريا كما هي في قصائد فبراير الأخيرة.
كنت دائما مؤمنا بقدرتها الفائقة على إنتاج نص شعري سليم لغة وصورة ودلالة.
كنت، ولازلت، مؤمنا بقدرتها على خلق أشكال شعرية تحمل بصمة ونكهة وميسم الشاعرة أمل الأخضر لوحدها ولا أحدا آخر غيرها.
وكنت مؤمنا بأن أمل الأخضر شاعرة من طينة الشعراء الذين يتركون داخلك أثرا لا يمكن أن يزول.
كنت، دائما ولازلت، مؤمنا بأن أمل الأخضر شاعرة، شاعرة وكفى.
عود على بدء، قصائد فبراير، التي أبدعت وتميزت فيها الشاعرة أمل الأخضر، تستحق إحاطة خاصة، بتفاصيلها وحمولاتها الشعرية الجمالية والمعرفية.
في انتظار ذلك، لا أملك غير القول، قصائد أمل الأخضر الخمس الأخيرة، حفيف ارتعاش على ورق الوجدان يسيل.