طبقا لما ذكره “روسيا اليوم” نشرت صحيفة “فزغلياد” مقالا جاء فيه أن المملكة السعودية امتنعت عن إمداد مصر بالوقود، عقابا لها على تقاربها مع الاتحاد الروسي.

جاء في المقال:

مبدأ التوازن في العلاقات، الذي اعتمدته مصر لفترة طويلة، باء بالفشل لأول مرة. فقد توقفت السعودية عن إمداد مصر بالبنزين، وكل ذلك بسبب إقامة القاهرة علاقات مميزة مع موسكو.

ولكن إلى أي حد يمكن أن تتطور المشادة التي تشهدها علاقة البلدين، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السعودية ممتعضة الى أبعد الحدود من موقف موسكو إزاء المسألة السورية؟

كذلك، فإن أحد الأدلة الرمزية التي تشير إلى التعاضد المطرد في العلاقة بين موسكو والقاهرة، هو ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية مؤخرا بشأن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة على الأراضي المصرية لقوى البلدين المظلية، بهدف التمرس على مجابهة القوى الإرهابية في ظروف المناخ الصحراوي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تدريبات “حماة الصداقة-2016” العسكرية المشركة بين البلدين، سوف تكون الأولى منذ مطلع السبعينيات.

وهناك إشارة أخرى تدل على التقارب بين موسكو والقاهرة، تتمثل في الأنباء عن قرب توقيع عقد شامل لبناء محطة للطاقة النووية في منطقة الضبعة المصرية.

من جانبها، أكدت الصحيفة الامريكية “وول ستريت جورنال” أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمكن بدهائه حتى الآن من تمتين أواصر الصداقة مع الرئيس فلاديمير بوتين، وفي الوقت نفسه استطاع التملص من المشاركة في المساعي السعودية لإسقاط النظام السوري، والبقاء أحد المتلقين الرئيسين للمساعدة العسكرية الأمريكية.

السعوديون ومَلكيات الخليج العربي، قدموا للرئيس السيسي مساعدات تقدر بعدة عشرات المليارات من الدولار، وفي الوقت نفسه اتفقت مصر مع الروس ليس فقط على إجراء مناورات عسكرية مشتركة، بل وعلى شراء مروحيات “كا-52” العسكرية الروسية المخصصة للعمل على سفينتي “ميسترال” اللتين أصبحتا مصريتين.

لكن مصر صوتت في يوم السبت الماضي في مجلس الأمن، لمصلحة مشروع قرار روسي كان يمكن أن يكون لمصلحة الحكومة السورية. وفي اليوم نفسه، صوتت القاهرة أيضا لمشروع قرار فرنسي في الشأن السوري، والذي استخدمت روسيا الفيتو ضده.

المحلل السياسي المصري تيمور دويدار علق على هذه المفارقة لصحيفة “فزغلياد” بالقول، إن “التصويت المصري في مجلس الامن لمصلحة مشروعي القرارين الفرنسي والروسي استدعى رد فعل ساخرا من قبل الخارجية الروسية، وكذلك من قبل السعودية وبلدان التحالف الموالي لأمريكا. والرئيس المصري حتى الآن لم يقدم تفسيره لذلك.

وهذا الغموض الغريب في السياسة الخارجية المصرية، يشير كذلك إلى وجود خلاف داخلي في مؤسسة صنع القرار المصري”.

بيد أن الدبلوماسيين المصريين أصروا على أن موقفهم ينبع من تأييد أي خطوات يمكن أن تضع حدا لسفك الدماء في مدينة حلب، في حين أن السعوديين بالكاد تمكنوا من ضبط أعصابهم. ومن المهم التذكير هنا، بأن موقفي السعودية وروسيا بشأن المسألة السورية حتى الآن يبقيان على طرفي نقيض. فالعسكريون الروس يدافعون عن دمشق، بينما يفعل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز العكس، ويزود المتمردين بالمال والسلاح، ولذا تبقى الحرب السورية مصدرا دائما للعداء بين موسكو والرياض.

هذا، وبعد فترة قصيرة من التصويت في مجلس الامن، حذرت شركة النفط السعودية “أرامكو” من أنها ستتوقف عن تزويد مصر بالمحروقات؛ ما اضطر الرئيس المصري إلى التعليق على هذا الأمر شخصيا. وقد نفى من جانب وجود الدافع السياسي في هذا الإجراء السعودي الموجه ضد مصر، ومن جانب آخر، وصف السيسي ذلك بالقول: إنها “محاولات للضغط على مصر، ولكنه لا يركع أمام أحد سوى الله”.

تيمور دويدار فسر قرار شركة أرامكو السعودية بأنه وسيلة للضغط السياسي على القاهرة. إذ إن السعودية تعهدت بتزويد مصر كل شهر بـ 700 ألف طن من المحروقات، كمساعدة ودية، والآن قطعت السعودية ذلك، دون أن تقدم اي توضيح، على حد ذكر دويدار.

ولاحظ الخبير المصري أيضا أن العديدين من أوساط النخبة السعودية الحاكمة يوجهون التأنيب القاسي لمصر بسبب علاقتها “غير الصائبة” مع سوريا. ويعود المحلل إلى التذكير بأن مصر حصلت على سفينتي “ميسترال” بالنقود التي سددتها دول خليجية، وأن مصر حصلت في العام الماضي على القاذفات الفرنسية “رافال” بالنقود السعودية، على الرغم من أن نقاشا في البداية جرى لشراء مقاتلات روسية. ويخلص الخبير المصري إلى تأكيد أن القاهرة بأي حال كان، لن تضحي نهائيا بعلاقتها مع السعودية من أجل الصداقة مع موسكو.

أما السفير السوفياتي السابق لدى مصر، المندوب الدائم للاتحاد السوفياتي سابقا في الأمم المتحدة ألكسندر بيلونوغوف، فأعاد التذكير بأن علاقة مصر والسعودية على مدى عقود طويلة ظلت متفاوتة. و”يرجع ذلك الى اصطدام مصالح البلدين في الدول المجاورة، مثل اليمن والسودان، وهذه التناقضات تعود في جذورها إلى الماضي البعيد”. كما ذكر بيلونوغوف لصحيفة “فزغلياد”.

ومع ذلك، أعرب الدبلوماسي السابق عن ثقته بأن البلدين سوف يجدان لغة مشتركة. وأضاف أن البلدين سيعملان واقعيا “على التكيف بعضهما مع بعض”، وأكد أن “القاهرة تسعى لإقامة علاقة متوازنة ما بين موسكو والغرب والرياض، وروسيا تتفهم ذلك، وتمتنع عن توجيه أي اتهامات حادة” إليها في هذا الشأن”.